“ولكن لو كان لطاقة معنوية أخلاقية أن تسمح بتدمير نظام ووضع الغايات الإنسانية والإلهية لمشروع المجتمع في سياسته واقتصاده, ولكنها لا تقدم لا الوسائل ولا التقنيات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف, فكيف إذن تمكنت هذه التوجيهات المعنوية من توليد التعصب السلفي في إيران ؟لعب في هذا الإطار عاملان تاريخيان دورا هاما: "الإمامة الشيعية" والتي أضفت على السلطة طابعا شخصيا, وحرب العراق وإيران, والتي تحالف فيها العالم أجمع ضد إيران, بما جعل هذا النظام يتطرف ويصبح راديكاليا.فمن أهم خصائص الإسلام الشيعي "الإمامة", ووجود "إمام مختف منتظر", ولقد اعتُبر الخوميني "ممثله" المرئي, والذي تحيط به مجموعة حقيقية من رجال الدين في تدرج زعامي ديني: آيات الله, حجات الإسلام, الملالي. فلقد أضفى عليهم نضالهم ضد استبداد الشاه, وغزو الغرب الأخلاقي, وعدد الشهداء من بينهم, أضفى عليهم كل هذا هالة من الهيبة العظيمة. وهكذا تكوّن نوع من أنواع حكم رجال الدين. ممهدا لظهور "الإمام المختفي".وأعلن الخوميني: "من وجهة النظر الدينية, أنا مؤهل لأفعل ما أقوم به" فهذا التفويض الإلهي, والذي دعمه موافقه أغلبية الشعب الكبرى, منحه كل السلطة وكذلك منحها للزعماء الدينيين.”
“وربما كان لدى كل شعب من شعوب العالم نوع من الاعتزاز الذي ينطوي على إحساس بالتميز عن شعوب الأرض الأخرى, وهو ما يسميه إيريك فروم بـ "النرجسية الجماعية", ولكن هذه النظرة لا تتجلى في شكلها المؤذي إلا حين يتفوق هذا الشعب فعليا في ميدان من الميادين, وخاصة في الميدان العسكري.”
“وهكذا تطور لدى الشعوب المسلمة شعور بالقلق بأنه هناك مؤامرة عالمية وحصار عليهم وذلك بسبب الموافقة التي منحتها الولايات المتحدة لكل تعديات دولة إسرائيل, وبسبب موقف الإعلام العالمي الدائم والذي مثل روح حرب صليبية ضد الإسلام.ومن الواضح أن هذا المناح مواتٍ (في كل البلدان ذات الغالبية المسلمة) لظهور الديماجوجيات وظهور الطائفات التعصبية السلفية, والتي تعتبر نفسها المدافع الخالص والعتيد عن التقاليد الإسلامية في مواجهة الغرب وطلائع حملاته الصليبية الجديدة المتمثلة في التعصب السلفي الإسرائيلي.”
“هذا التورط الشنيع الذى تتكلفه الشيوعية وتحتفظ به في سيل عارم من دماء البشر في سبيل اجتثاث الدين من قلوبهم لا يعقل أن يدوم”
“لو فُقِد الدين من هذا العالم ، لَوُجِد في قلب مُلحد”
“هناك بعد آخر مهم في هذا الصدد هو أن إيران القومية ليست بحاجة إلى العالم العربي بينما إيران الإسلامية بحاجة حقيقية إليه.فالعالم العربي بالنسبة للأولى سوق أو منافس في انتاج النفط أو محيط استراتيجي - غير أن الصيغة الثانية تتعامل مع العالم العربي - فوق ذلك - بحسبانه معقل الأغلبية السنية، أي قيادة 90% من الأمةالإسلامية، التي يشكل الشيعة فيها 10% فقط، 40% منهم في إيران، والباقي في دول أخرى آسيوية بالدرجة الأولى، حتى في الجانب الشيعي التي تقف فيه إيران الإسلامية فإن أهم مقدساته في العالم العربي.سواء ما كان منها في مكة والمدينة، أو مزاراته في العراق التي سبقت الإشارة إليها. حيث توجد هناك سبعة من أضرحة أئمة الشيعة الإثنى عشر.”