“فإن الإنسان المحرر ماديا وأدبيا، هو وحده الذى يصدر فى أعماله، عن مبدأ ثابت، ويتجه فى سلوكه إلى فكرة واضحة، وهو وحده الذى يخدم المثل العليا، ويبتعد فى تصرفاته عن مواطن الملق والزلفى والصغار. أما الذين تغلب على طبائعهم أخلاق العبيد، فهم يهدأون ويتحركون مرضاة للأشخاص، وهم يجتهدون للالتحاق بركب من ركاب السادة، أصحاب الثروة والسطوة، يعملون لهم ويعيشون فى دائرتهم، ويندفعون أبدا مع تيارهم. لا يعرف هؤلاء إخلاصا لله أو تضحية فى سبيله، ولا تقديرا للحق أو احتراما لرجاله.!! وإذا كان شرف النفس الإنسانية أن تعتنق هدفا نبيلا ثم تفتديه.. فإن أولئك عبيد الأصنام الحية من البشر!.”
“وقد نعى القرآن على قوم أغلقوا عقولهم على رأى فلم يفهموا سواه ولم يفكروا فيما عداه زاعمين أن الخير فيه وحده فقال فيهم (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا). يجب ألا نأخذ رأينا كقضية مسلمة، ولا أن نقبل كلام غيرنا دون مناقشة وتدبر.بل يجب أن نبحث عن الحق، ونجتهد فى الوصول إليه، فإذا عرفناه عرفنا الرجال على ضوئه وصادقناهم أو خاصمناهم على أساسه . إن المسلم الصادق هو الذى يعرف الرجال بالحق، أما أولئك الذين يعرفون الحق بالرجال ويثقون فى أى كلام يلقى إليهم لأنه صادر عن فلان أو فلان ، فهم أبعد الناس من فهم الإسلام، بل هم آخر من يقدم للإسلام خيرًا أو يحرز له نصرًا.”
“ولكى يكون الجهاد النفسى صادقا لابد أن يجىء تنفيذا لخطة رسمتها الشريعة، وبينت معالمها بوضوح.ومن هنا فالجهاد المقبول لا موضع له إلا إذا كان انتهاء عن حرام أو انتهاضا إلى واجب.الجهاد المقبول هو الذى يسبك النفس فى بوتقته لتصفو من درنها ثم تصاغ وفق القالب الذى أراده الله لها.الجهاد المقبول هو الذى يستهدف وجه الله فى كل حركة ويتحرى حكمه فى كل وجه.وكل جهاد ننهى صلته بالله فهو مردود على أصحابه...”
“فإذا كانت وظيفة القلم، أو الرأى، أن يخدم أصحاب السلطة، فإن الأمة الإسلامية ستكون آخر الأمم، بالطريقة التى تعيش بها. والغريب أنى لا أرى هذا فى العالم الآخر! عندنا أزمة فهم.. عندنا أزمة فقه.. وعندنا مع هذا وذاك أزمة فكر.. والمحزن أن الذين يملكون الفكر، يملكهم من يملكون السيف.. فالمحنة كبيرة فى العالم الإسلامى، ما بقى السيف قادرا على ضرب الفكر، وتحديد إقامته..”
“إن الإسلام وحده هو الذى صان شخصية المرأة ورد كل عدوان عليها وفق قاعدته: " لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض". والذى يحز فى نفسى أن جمهورا من المتدينين الجهلة فى بلادنا تبنّى مفاهيم الجاهليات اليونانية والرومانية وغيرها وقرر أن يحيا فى نطاقها، وزاد إلى هذه السفاهة أن قرر الدعوة إليها بحسبانها مفاهيم إسلامية . كيف نحمى الإسلام من أصدقائه الجهلة؟ فهم أضر عليه من أعدائه السافرين”
“إن الذى يدرس المجتمعات الفاسدة ويتغلغل فى بحث عللها، والذى يتبع أعمال الأدعياء وطلاب الزعامة ويستقصى وسائلهم الملتوية فى تسخير الجماهير للوصول إلى القمة، والذى يلحظ النهضات الكبرى وكيف يدركها الفشل فجأة لأنها أصيبت برجال يحبون الظهور فلا يرحبون بالنصر إلا إذا جاء عن طريقهم وحدهم أما إذا جاء عن طريق غيرهم فهو البلاء المبين.الذى يلحظ هذه الآفات القتالة يدرك أن هناك رجالا كأنما يعيشون فى غرف من المرايا فأينما ولوا وجوههم لا يرون إلا أنفسهم.. إنهم يعبدون أنفسهم من دون الله ويريدون أن تعنو وجوه الناس لهم. وقد يقرءون القرآن، لا قربى إلى الله ولكن لينتفعوا به فى تدعيم أثرتهم، وقد يتصدقون لا عطفا على محروم، ولكن ليراهم الناس وأيديهم هى العليا، فلو خلوا برجل يموت جوعا ما أطعموه. وقد يقاتلون عن وطنهم أو عن مبدئهم، لا ليفتدوا الوطن أو المبدأ، فإن ما تركز فى طباعهم أن الأوطان والمبادئ فدى لهم أنفسهم.”
“الإسلام يكره أولئك الذين يعيشون فى الدنيا أذنابا ٬ تغلب عليهم طبائع الزُّلفى والتهافت على خيرات الآخرين ٬ ويحبون أن يكونوا فى هذه الحياة كالثعالب التى تقتات من فضلات الأسود .إن المسلم أكبر من أن يربط كيانه بغيره على هذا النحو الوضيع ٬ بل يجب أن ينأى عن مواطن الهُون ٬وأن يضرب فى فجاج الأرض يبتغى العزةوالكرامة”