“رضي علي بخلافة الشيخين. ولكن إخوان الشيعة لا يرضون لما رضي به إمامهم. وكأنهم يريدون من إمامهم أن يغضب على الشيخين و أن يلعنهما لأنهما فوتا عليه الخلافة. ومما يفت النظر أن معاوية صور عليا بهذه الصورة المغلوطة لكي يصطاد بها ما يشاء من غنيمة باردة، ثم جاء الشيعة أخيرا فأخذوا برأي معاوية و أهملوا رأي علي مع الأسف الشديد”
“ببدو أن معاوية يريد أن تشيع الخصومة المصطنعة بين علي و الشيخين، ولا يبالي على من تقع الضربة. فهو تارة يزعم أن عليا خاصم الشيخين و حسدهما، و تارة أخرى يزعم أنهما أبغضاه و ابتزّاه حقه. ومهما يكن الحال فمعاوية هو الرابح، إذا يجد يجانبه الشيخين يحميانه. فسواء أكان الشيخان على حق أم باطل فهو يشتهي أن يكون من حزبهما. و كل فضيلة تنشر لهما هي فضيلة له بصورة غير مباشرة. إنها مكيدة بارعة من غير شك. ولا بد أن تنطلي على كثير من المسلمين عاجلا أو آجلاً”
“أهل السنة يشتهون أن يروا معاوية صالحاً في حياة عمر و بعد وفاته. و الشيعة يشتهون أن يروا معاوية طالحاً في كلتا الحالتين و أن عمر كان مثله. إنهم جميعا يفهمون الشخصية البشرية كما يفهم المحاسب رقما من الأرقام ، فالرقم إذا كان (ثلاثة) لا يمكن أن يصبح (أربعة) أبداً”
“شاء الله أن يظهر في الإسلام رجلان مختلفان هما معاوية و علي. أحدهما أسس الدولة المترفة في الإسلام و الآخر بذر بذور الثورة عليها”
“ولعل الناس كانوا في ذلك الحين لا يبالون أن ينهب الخليفة من أموالهم ما يشاء ما دام يغمي عليه من خشية الله ويبني المساجد ويغدق النعم علي الواعظين .”
“يتضح أن الإسلام ثورة اجتماعية، يقاتل فيها المظلومون عن حقهم في الحياة. وهم أيضا إنما يقاتلون المترفين لكي يحققوا نظام العدالة و المساواة بين الناس و ينشروا بينهم أمر الله. هذه هو الحق الذي فهمه علي بن أبي طالب وجاهد في سبيله. فالأمر ليس جهادا في سبيل الفتح و الغلبة كما ظنَّ معاوية ومن لف لفَّه من وعاظ السلاطين ، والإمام علي إذن لا يعتم بمصلحة الدولة بقدر اهتمامه بمصلحة الشعوب التي تحكمها تلك الدولة”
“أبتلي الإنسان بهذه المشكلة ذات الحدين فأما طريقان متعاكسان و هو لا بد أن يسير في أحداهما طريق الطمأنينة و الركود أو طريق التطور و القلق .. و من المستحيل عليه أن يسير في الطريقين في آن واحد”