“وإنما الذى أنجده بعد ذلك كله ،كثرة الاتجاء إلى الله، وطول التضرع بين يديه فى ظلمات الليل وساعات السحر..وليت الدعاة إلى الله يدركون قيمة هذا السلاح العجيب فى إصلاح الفساد وتقويم الاعوجاج.”
“لقد حدثنى أبى عن شأنه هذا فى طلب العلم أكثر من مرة، ليضعنى أمام معنى قول الله عو وجل :وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌسورة البقرة 282وليحذرنى من الهبوط بطلب العلوم الشرعية إلى مستوى الاحتراف”
“دعا ممو ربه وهو السجن فقال:رباه ألست تبصرني؟ألست تبصرني، وأنا عبدك الضعيف؟ كيف أذوب بين كل هذه الآلام التي لا أطيقها..؟!رباه إن عبيدك في الأرض لم يرقّوا لتعاستي وشقائي، وإنما سحقوا جراحي، كما ترى، في التراب، وحرموني حتى من الزاد الذي أتبلغ به في طريق فنائي. فارحمني أنت يا رب، فوحقك لن أتوسل بعد اليوم إلى غيرك، ولن أكب دموعي إلا بين يديك، ولن أتذلل إلأ لجلالك................واشوقاه يا مولاي إلى ذلك اليوم ..! إذ نمضي إلى رحابك، فتمسح بيمين لطفك عن كلينا مدامع الظالمين، وتضمنا بين ذراعي رحمتك، آمنن مقبولين”
“فإن الدنيا لا تكون دار ابتلاء إلا إن فاضت بالمحن والمصائب إلى جانب المنح والرغائب, فإن من الخير والحكمة ألا تتعلق نفس الإنسان بهذه الدنيا التي جعلها الله ممراً إلى مقر, ولو كان كل ما فيها باعثاً على السرور لركنت النفس إليها ولتحولت بحكم واقعها الجذاب والمغري إلى مقر بدلاً من أن تعامل كممر, ولن يعقب هذا الواقع الذي هو في ظاهره خير إلا شراً وبيلاً يتجاوز في سوئه أضعاف الشرور والمصائب التي لون الله بها - لحكمة بالغة - واقع هذه الحياة الدنيا”
“الكون كُله منذ فجر الحياة مسرحٌ للصور المتضادة و المظاهر المتناقضة..فهذا الليل و النهار ، و النور و الظلام ، هذه الشمس المتوهجة و الظلال الوارفة، هذا الهجر و الوصال، و المآتم و الأعراس.. هذه المآسي و الأفراح، هذا البؤس و النعيم، هذه الورود الناعمة بين أشواكها الدامية- كل ذلك نماذج لمشهد هذا الكون المتناقض أبدعه الله كذلك ليوجد في كل من الخير و الشر معناه ، و ليستبين كل منهما بالآخر و يتميز كل عنصر بنقيضه ثم لكي تشيع في الكون روح الحركة و الكفاح و لترتبط هذه الخلائق بنظام السعي و التعاون ...”
“الحلم الذي ينام ويستيقظ عليه أكثر الدعاة الإسلاميين اليوم، هو حلم المجتمع الإسلامي متى يتحقق أو الحكومة الإسلامية متى تقوم وتهيمن؟؟!!.. أما ما كان يعكف عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاهتمام بتزكية النفس وإصلاح الحال وتنمية مشاعر العبودية لله بغذاء التبتل ومراقبة الله والإكثار من ذكره، فهو جانب منسي في حياة أكثر هؤلاء الإسلاميين اليوم.”
“و صفوة القول أننا لا نريد من هؤلاء الاخوة أن يتخلوا عن آرائهم الاجتهادية التى اقتنعوا بها. بل لا نملك أن نريد منهم ذلك, بل انهم هم أنفسهم لا يملكون ,فيما يقضى به الشرع, الا أن يتمسكوا بها و يدافعوا عن قناعاتهم الشخصية تجاهها ما داموا صادقين فى قناعاتهم العلمية بها.و لكننا نذكرهم بأن عليهم أن لا يجعلوا من آرائهم هذه مظهرا للدين الحق الذى لا محيد عنه الا الى الكفر و الشرك و الضلال , بل عليهم - وقد علمنا أنها مسائل اجتهادية- أن يتنبهوا الى أن المسلمين يسعهم أن يأخذوا فى هذه المسائل و أمثالها بما قد يهديهم اجتهادهم , ان كانوا أهلا للاجتهاد, ضمن دائرة المنهج المرسوم لهم جميعا. ولا عليهم أن يتفقوا فى نتيجة اجتهاداتهم هذه أو يختلفوا فيها. فكلهم مقبول بفضل الله و رحمته و مأجور.”