“شادية هاشم لو لكم دجاجات أمكِ لا تعرف كيف تطعمها أبوكِ يلبس مريلة المطبخ ويقدم القهوة لصديق أمك أمك تقول: أشعل لي السيجارة يا هاشم تطبخين الفاصوليا دون أن تسلقيها تطعمين القطة بملعقتك صرفتم ثلاثة وثمانين جنيهًا أول أمس خبّأتم البرتقالات من طفل الجيران أخوكِ الصغير يمد لسانه خلف أبيكِ أختكِ تغيّبت ثلاثة أيام وعادت بملابس كثيرة ابنة خالتكِ تزوجت خمسة أسابيع. شادية.. يا شادية: هل تجرؤين أن تنظري من الشرفة بلا مساحيق؟”
“الاّن ، أنت أثنان .. ثلاثة .. عشرونألف ، كيف تعرف فى زحامك من تكون ؟”
“هل يمكن أن تقول لي انت ما الذي جرى ؟ أقصد لماذا لم نعد نعرف أبدا أية فرحة حقيقية ولا حتى سكينة حقيقية ؟ هل تعرف كيف صدر الأمر بحرماننا من السعادة ؟”
“الآن, أنت اثنان, أنت ثلاثة, عشرون, ألف!؟كيف تعرف في زحامك من تكون؟”
“الوطنية هنا لا تعني الشغف الواجب بالوطن كما هو معروف بالنسبة لكم يا من تهيمون في أوطانكم ترفاً. الوطنية هنا هي أن تعرف أكثر القليل عن وطنك و أن تلوك مفاهيمه الأصلية على قدر استطاعتك و أن تمضغ لغته بين فكيك ثم تخزنها خلف لسانك مثل القات”
“كم أنت مضحك ورائع ياصديقي الصغير. ما أغرب أن يجيئ عليك يوم فتعرف الحب والقلق والعبادة والحزن وتقرأ الشعر وتحلم بحياة في الكواكب الأخرى.. أنت لا تعرفني طبعًا، أنت لا تعرف الكثير فلم يزل عمرك ثلاثة أيام.. أنت لا تعرف غير الجوع والبرد والضوء الذي يفزعك والهواء الذي يؤلمك بعد أن طالت حياتك في الدنيا الأولى التي جئت منها.. لا بأس بذلك، إن الله يقيك هذا كله بغلاف من عدم الحساسية، فترى الضوء باهتًا وتسمع الأصوات خافتة وتنام معظم الوقت..أنا خالك الآن. أنت أيها القرد الصغير أول مخلوق جعلني خالًا فتصور سعادتي بك.”