“إني لأرثي لحال كثير من شبان اليوم لا يعرفون الجمال إلا في وجه فتاة و لا يعرفون الذوق إلا في أناقة الحديث معها و التظرف إليها مع أن في الدنيا جمال يفوق ذلك بمراحل و للذوق مجالا يجد فيه من المتعة ما يقصر عنه الوصف و لكنهم عدموا الذوق و تربيته فلم يلقفوا معانيه و نواحيه و مداه إلا في حدود ضيقة”
“إن شئت أن تعلم قيمة الذوق في الفرد فجرده من الطرب بالموسيقى و الغناء و جرده من الإستمتاع بمناظر الطبيعية و جمال الأزهار و جرده من أن يهتز للشعر الجميل و الأدب الرفيع و الصور الرائعة و جرده من الحب في جميع أشكاله و معانيه ثم انظر بعد ذلك ماذا عسى أن يكون و ماذا عسى أن تكون حياته”
“إن للذوق مراحل كمراحل الطريق و درجات كدرجات السلم فهو يبدأ بإدراك الجمال الحسي من صورة جميلة و وجه جميل و زهرة جميلة و بستان جميل و منظر طبيعي جميل ... ثم إذا أحسنت تربيته ارتقى إلى إدراك جمال المعاني فهو يكره القبح في الضعة و الذلة و يعشق الجمال في الكرامة و العزة”
“إن الذوق إذا شاع في مكان شاعت فيه السكينة و الطمأنينة و نعومة المعاملة و جمال السلوك و إن انعدم أو قل في مكان خشنت المعاملة و ساء السلوك و كثر هياج الأعصاب و اضطرابها و ارتباكها”
“إن شئت أن تعرف قيمة الذوق في الأمة فجردها من دور فنونها و جردها من حدائقها و بساتينها و جردها من مساجدها الجميلة الجليلة و كنائسها الفخمة و عمائرها الضخمة و جردها من نظافة شوارعها و تنظيم متاحفها ثم انظر بعد ذلك في قيمتها و فيم يميزها عن غيرها من الأمم المتوحشة و الأمم البدائية”
“إن الذوق عمل في ترقية الأفراد و الجماعات أكثر مما عمل العقل فالفرق بين إنسان رفيع و إنسان وضيع ليس فرقا في العقل وحده بل أكثر من ذلك فرق في الذوق”
“إننا في هذا الزمان أحوج ما نكون إلى منارات تضئ للسائرين في لجج الظلام و يكون شعارهم هو القيام بالواجب مهما كلفهم – لأنه واجب – لا طلبا للصيت و لا جريا وراء المجد ..... لا يعرفون المجاملة و لا النفاق و لا يستهويهم وعد و لا يرهبهم وعيد ... لسانهم مطابق لقلبهم و عملهم متفق مع وحي ضميرهم”