“هؤلاء المصريون يجلسون ( أو يقرفصون ) في هدوء لمدة طويلة حتى ليعتقد المرء أن ليس بإمكان أي شئ أن يهز هدوءهم ، و فجأة تجد همهمة تعلوم و حركات و رجال يقومون و أذرع تلوح ، ثم يسود الهدوء ثانية ، و أنا لا أفهم سبباً للصخب ، و لا للهدوء.”
“و أنا لا أريد أن أتهم أحدا بالتواني أو الخيانة أو أي شيئ و لكن : ببساطة هناك أناس لا يمكنهم القيام بالأدوار المعهودة اليهم لأنهم غير مؤهلين لها. و ليس الخطأ في انهم يسلكون ما يسلكون. و لكن الخطأ منا أن نتركهم يقولون في مجالات يستحيل عليهم -مهما جاهدوا و افتعلوا و نقلوا و غشوا - أن يتواءموا مع نسيجها. بيننا و بينهم اخدود كبير. كبير .”
“استشعر الجمال في مأكلك و ملبسك و مسكنك و صادق الزهور و تعشقها ثم انشد الجمال في الطبيعة و مد بين قلبك و مناظر البساتين و الحدائق –و السماء و نجومها و الشمس مطلعها ومغيبها و البحار وأمواجها و الجبال و جلالها – خيوطا حريرية دقيقة تتموج بموجاتها و تهتز بهزاتها .. ثم انظر إلى الأخلاق على أن فضائلها جمال و رذائلها قبح لا على أن فضائلها منفعة و رذائلها متلفة ثم غن للجمال و اهتف به حيثما كان و اعبده و افن فيه و أنا واثق بأنك ستسعد بهذا سعادة لا يتذوقها ذوو الشهوات و لا أصحاب رؤوس الأموال”
“عليهم أن يجاهدوا في نفوسهم هوى السلطة و زينة مقاعد الحكم، و أن يجتهدوا قبل أن يجهدوا الآخرين بحلم لا غناء فيه، و أن يفكروا قبل أن يكفّروا، و أن يواجهوا مشاكل المجتمع بالحل لا بالهجرة، و أن يقتصدوا في دعوى الجاهلية حتى لا تقترن بالجهل، و أن يعلموا أن الإسلام أعز من أن يهينوه بتصور المصادمة مع العصر، و أن الوطن أعز من أن يهدموا وحدته بدعاوى التعصب، و أن المستقبل يصنعه القلم لا السواك، و العمل لا الاعتزال، و العقل لا الدروشة، و المنطق لا الرصاص، و الأهم من ذلك كله أن يدركوا حقيقة غائبة عنهم، و هي أنهم ليسوا وحدهم..جماعة المسلمين”
“و هنا مسألة مهمة يلزم التنبيه عليها و هي الفرق بين الوصف و بين التعيين، ففرق أن نقول: إن العلمانية كذا، و أن القول بكذا و كذا علمانية، و بين أن نقول إن فلاناً علماني فينبغي أن نفرق فقد يكون هذا الشخص قاله جاهلاً و قد يكون غرر به، و قد يكون أخذ بقول شاذ و أنت لا تعرفه و هكذا. لكن من علم عنه أمر مع وجود الشروط و انتفاء الموانع حكم عليه بما يستحقه شرعاً من ردة أو غيرها. ثم ينبغي التنبيه إلى أن بعض المسلمين قد يفعل بسبب غفلته أو بسبب جشع مادي أو حتى بحسن قصد بعض ما يفعله أو يريده العلمانيون، و قد يفعل ما يخدم أهدافهم؛ فهذا الشخص لا يعد منهم - أي لا يقول عنه: علماني - و مع ذلك لا بد من التحذير من عمله، و لا بد من بيان خطئه و خطره، و لا بد من نصحه و رده عن ما هو عليه.”
“إن فى الإنسان منطقة عجيبة سحيقة لا تصل إليها الفضيلة و لا الرذيلة، و لا تشع فيها شمس العقل و الإرادة، و لا ينطق لسان المنطق، و لا تطاع القوانين و الأوضاع، و لا تتداول فيها لغة أو تستخدم كلمة .. إنما هى مملكة نائية من عالم الألفاظ و المعانى .. كل ما فيها شفاف هفاف يأتى بالأعاجيب فى طرفة عين .. يكفي أن ترن فى أرجائها نبرة، أو تبرق لمحة، أو ينشر شذا عطر، حتى يتصاعد من أعماقها فى لحظة من الإحساسات و الصور و الذكريات، ما يهز كياننا و يفتح نفوسنا على أشياء لا قبل لنا بوصفها، و لا بتجسيدها، و لو لجأنا إلى أدق العبارات و أبرع اللغات ،،،”