“و حين تجول العين و القلب في مصارع القرون. و حين تطالع العين آثارهم و مساكنهم عن كثب، و حين يتملى الخيال الدور و قد خلت من أهلها الأول؛ و يتصور شخوصهم الذاهبة، و أشباحهم الهاربة، و حركاتهم و سكناتهم، و خواطرهم و أحلامهم، و همومهم و آمالهم.. حين يتأمل هذا الحشد من الأشباح و الصور و الانفعالات و المشاعر.. ثم يفتح عينه فلا يرى من ذلك كله شيئاً إلا الفراغ و الخواء.. عندئذ يستيقظ للهوة التي تفغر فاها لتبتلع الحاضر كما ابتلعت الغابر. و عندئذ يدرك يد القدرة التي أخذت القرون الأولى و هي قادرة على أن تأخذ ما يليها. و عندئذ يعي معنى الإنذار، و العبرة أمامه معروضة للأنظار. فما لهؤلاء القوم لا يهتدون و في مصارع القرون ما يهدي أولى الألباب؟”

سيد قطب

Explore This Quote Further

Quote by سيد قطب: “و حين تجول العين و القلب في مصارع القرون. و حين … - Image 1

Similar quotes

“الشر حين يتمحض يحمل سبب هلاكه في ذاته؛ و البغي حين يتمرد لا يحتاج إلى من يدفعه من البشر؛ بل تتدخل يد القدرة و تأخذ بيد المستضعفين المعتدى عليهم، فتنقذهم و تستنقذ عناصر الخير فيهم، و تربيهم، و تجعلهم أئمة، و تجعلهم الوارثين.”


“إنه لا جدوى من المحاولات الجزئية حين يفسد المجتمع كله و حين تطغى الجاهلية و حين يقوم المجتمع على غير منهج الله و حين يتخذ له شريعة غير سريعة الله، فينبغي حينئذ أن تبدأ المحاولة من الأساس و أن تنبت من الجذور و أن يكون الجهد و الجهاد لتقرير سلطان الله في الأرض.. و حين يستقر هذا السلطان يصبح الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر شيئا يرتكن إلى أساس”


“حين يتمحض الشر و يسفر الفساد و يقف الخير عاجزاً و الصلاح حسيراً؛ و يخشى من الفتنة بالبأس و الفتنة بالمال. عندئذ تتدخل يد القدرة سافرة متحدية، بلا ستار من الخلق، و لا سبب من قوى الأرض، لتضع حداً للشر و الفساد.*إنه حين كان بنو إسرائئيل يؤدون ضريبة الذل لفرعون و هو يقتل أبناءهم و يستحيي نساءهم لم تتدخل يد القدرة لإدارة المعركة. فهم لم يكونوا يؤدون هذه الضريبة إلا ذلاً و استكانة و خوفاً. فأما حين استعلن الإيمان في قلوب الذين آمنوا بموسى و استعدوا لاحتمال التعذيب، و هم مرفوعو الرؤوس يجهرون بكلمة الإيمان في وجه فرعون دون تلجلج، و دون تحرج، و دون اتقاء التعذيب. فأما عند ذلك فقد تدخلت يد القدرة لإدارة المعركة، و إعلان النصر الذي تم قبل ذلك في الأرواح و القلوب.و الذي قلته هنا أصح، بشهادة سياق القصة في هذه السورة. و إن كان لما قلت في سورة طه مكانه بتغيير في العبارة. فإن يد القدرة تدخلت منذ أول الأمر لإدارة المعركة. و لكن النصر النهائي لم يتم تمامه إلا بعد استعلان الإيمان في القلوب الذين آمنوا بموسى بعد رسالته، و جهروا بكلمة الحق في وجه الطغيان العاتي المتجبر.”


“إن الحق في هذا القرآن لبين؛ و إن حجة هذا الدين لواضحة، فما يتخلف عنه أحد يعلمه إلا أن يكون الهوى هو الذي يصده. و إنهما لطريقان لا ثالث لهما: إما إخلاص للحق و خلوص من الهوى، و عندئذ لا بد من الإيمان و التسليم. و إما مماراة في الحق و اتباع للهوى فهو التكذيب و الشقاق. و لا حجة من غموض في العقيدة، أو ضعف في الحجة، أو نقص في الدليل. كما يدعي أصحاب الهوى المغرضون.”


“(و يدرأون بالحسنة السيئة)..و هذا هو الصبر كذلك. و هو أشد مؤنة من مجرد الصبر على الإيذاء و السخرية. إنه الاستعلاء على كبرياء النفس، و رغبتها في دفع السخرية، و رد الأذى، و الشفاء من الغيظ، و البرد بالانتقام!ثم درجة أخرى بعد ذلك كله. درجة السماحة الراضية. التي ترد القبيح بالجميل و تقابل الجاهل الساخر بالطمأنينة و الهدوء و بالرحمة و الإحسان؛ و هو أفق من العظمة لا يبلغه إلا المؤمنون الذين يعاملون الله فيرضاهم و يرضونه، فيلقون ما يلقون من الناس راضين مطمئنين.”


“و الخطيئة المنكرة التي عرف بها قوم لوط ( و قد كانوا يسكنون عدة قرى في وادي الأردن) هش الشذوذ الجنسي بإتيان الذكور، و ترك النساء. و هو انحراف في الفطرة شنيع. فقد برأ الله الذكر و الأنثى؛ و فطر كلاً منهما على الميل إلى صاحبه لتحقيق حكمته و مشيئته في امتداد الحياة عن طريق النسل، الذي يتم باجتماع الذكر و الأنثى. فكان هذا الميل طرفاً من الناموس الكوني العام، الذي يجعل كل من في الكون و كل ما في الكون في حالة تناسق و تعاون على إنفاذ المشيئة المدبرة لهذا الوجود. فأما إتيان الذكور الذكور فلا يرمي إلى هدف، و لا يحقق غاية، و لا يتمشى مع فطرة هذا الكون و قانونه. و عجيب أن يجد فيه أحد لذة. و اللذة التي يجدها الذكر و الأنثى في التقائهما إن هي إلا وسيلة الفطرة لتحقيق المشيئة. فالانحراف عن ناموس الكون واضح في فعل قوم لوط. و من ثم لم يكن بد أن يرجعوا عن هذا الانحراف أو أن يهلكوا، لخروجهم من ركب الحياة، و من موكب الفطرة، و لتعريهم من حكمة وجودهم، و هي امتداد الحياة بهم عن طريق التزاوج و التوالد.”