“و من هذا المنطلق يتجه تدخل المسلم في إعادة صياغة الزمان و المكان إلي إعادة بنائهما, و ليس إلي الهروب منهما , و لا إلي التخلص منهما, علي شاكلة ما تصبو إليه الهندوسية و البوذية .و لا يسعي المسلم في إعادة بناء الزمان و المكان هذه , إلي إشباع ارادته الخلاقة, بل إلي الاستجابة لإراد الله تعالي في الكون, و ليست عملية غزو للطبيعة و لا قهر و لا تحدي لها, علي شاكلة سلوك الإنسان الغربي. و يتحصن المسلم بتلك الرؤية الكونية من الإصابة بأي من آفات ثلاث: ادعاء القدرة علي قهر الطبيعة, الإصابة بغرور القوة حال نجاحه, الإصابة باليأس و بالإحساس بالعجز حال فشله”
“فالرسالة التي تنزلت علي النبي و هو بغار حراء من ربه بواسطة أمين الوحي جبريل , بعثت به إلي مكة ليعمل و ليغير البشر و التاريخ.و لم تدعه تلك الرسالة متعلقا بالحالة التي بدأ تلقيه لها و هو عليها, و لا هي علمته أن يتمني تكرارها , و يسعي إلي تكرارها هي بذاتها. و لا أن يدعو أصحابه إلي الرغبة فيها لأنفسهم. علي العكس من كل هذا, أمرته تلك الرسالة بوضوح بالغ , بأن يسعي إلي إعادة تشكيل عالم الزمان و المكان الواقعي علي نحو يجعله محاكيا للنموذج الإلهي .فلا معني لاستحضار معية الله و حبه, و الذوبان في مشيئته, و الحياة فيه, مالم يؤدي ذلك إلي الارتقاء بهذا العالم الدنيوي, و بهذا التاريخ,و بهذه المادة, بملئهم بالقيمة ,بجعلهم محاكين للإرادة الإلهية”
“و من قال إن الطالب يستطيع أن يصل بالبحث إلي غايته؟ نحن نعيش العمر كله طلاب علم, كادحين إلي ما نستشرف له في كل خطوة من جديد الآفاق و الغايات. و ما من بحث يمكن أن يقول الكلمة الأخيرة في موضوعه. و جهد طالب العلم لا يقاس بمدي ما قطع من أشواط, و إنما يقاس بسلامة اتجاهه , و لو لم يقطع سوي خطوة واحدة علي الطريق الطويل الممتد إلي غير نهاية و لا مدي.”
“إن الإسلام صالح لكل زمان و مكان لأنه يستطيع أن يتحرك دائماً في الزمان و المكان و لا زال حتي اليوم يتحرك إلي الأمام في الزمان و المكان إذا لم يقف في وجه حركته بعض الجهلة أو بعض الناقلين المقلدين …”
“التوحيد اعتراف بأنه لا إله إلا الله.و معني ذلك أن الله تعالي هو المصدر الأسمي للخير كله, و الإيمان بأن الله تعالي هو الخير الأسمي الذي يستمد منه كل شئ خير.و علي الإنسان أن يعي علي الدوام أن كل ما يقدره الله تعالي , ‘إنما يقدره الله لغاية خيرة,ناصيتها بيده و إليه منتهاها, و القول بعكس ذلك نفي للتوحيد.و هذا هوالسبب في تحريم القرآن الكريم القاطع علي المسلمين أن يسيئوا الظن بالله تعالي.فما نعرفه بحواسنا صحيح, مالم تكن حواسنا غير سوية أو معيبة بجلاء.و ما يبدو متماسكا في الحس العام يعتبر صحيحا , مالم يقم الدليل علي العكس. وما نريده بغرائزنا و شهواتنا هو خير بالأساس, مالم يحرمه الله علينا صراحة. و يرشدنا التوحيد إلي التفاؤل علي الصعيدين المعرفي و الأخلاقي, و يراد بالتفاؤل كمبدأ معرفي:قبول الحاضر إلي أن يقوم الدليل علي زيفه. أما المراد به كمبدأ أخلاقي فهو : قبول المرغوب إلي أن يقوم الدليل علي حرمته. و يسمي المبدأ الأول : مبدأ الصحيح , و يسمي الثاني: مبدأ اليسر.و كلا هذين المبدأين يحمي المسلم من الإنغلاق الذاتي في التعامل مع الوجود, و من نزعة المحافظة المهلكة , و يحثه علي الشهود و الاستجابة لمتطلبات الحياة و للخبرة الجديدة.و يعني التسامح في هذا المضمار: اليقين بأن الله تعالي قد وهب البشر جميعا فطرة سليمة تمكنهم من معرفة الدين الحق , و إدراك المشيئة الإلهية و التعاليم الربانية”
“إن الأصوات .. جميع الأصوات في هذا الكون لا تفني .. وكل ألوان الطاقه يتحول الواحد منها إلي الآخر و لكنها لا تفني .. الكهرباء تتحول إلي حركه و الحركة إلي حراره و الحرارة إلي ضوء”