“من أعظم المخاطر التي تهدد الأسرة نمو الأنانية الفردية بين أعضائها. و تسهم الأسرة في بذر بذور هذه الظاهرة السلبية منذ الحياة المبكرة لأبنائها , و ذلك حين يقوم الوالدان بمقارنة سلوك الابن أو إنجازه بإنجازات أخيه و سلوكه, مقارنة قائمة على تفضيل الأول و انتقاص الثاني. و تكمل المؤسسات التعليمية بتعزيز الأنانية الفردية حين تعامل التلاميذ و تنظم نتائجهم بشكل درجات متدرجة تقارن نجاحهم أو فشلهم بزملائهم. و يزيد المجتمع المحيط الأنانية نمواً و صلابة حين تكون العلاقات فيه مشبعة بالتنافس البغيض, و مقارنة الناجح بالفاشل و الرابح بالخاسر في ميادين الحياة المختلفة”
“كل مجتمع يتكون من ثلاث مكونات هي : الأفكار و الأشخاص و الأشياء . المجتمع يكون في أوج صحته و عافيته حين يدور الأشخاص و الأشياء في فلك الأفكار الصائبة . و لكن المرض يصيب المجتمع حين تدور الأفكار و الأشياء في فلك الأشخاص ، و ينتهي المجتمع إلى حالة الوفاة حين يدور الأفكار و الأشخاص في فلك الأشياء .”
“إن التاريخ كله -الاسلامي و غير الاسلامي- برهن على أنه حين تقوم شبكة العلاقات الاجتماعية على اساس الولاء الشامل لأفكار الرسالة التي تتبناها الامة وتعيش من أجلها, فإن كل فرد في المجتمع يصبح مصاناً و محترماً, سواء أكان حياً أو ميتاً, ومهما اختلفت آراؤه مع الأخرين, ويوجه الصراع إلى خارج المجتمع, وتتوحد الجهود و تثمر.أما عندما تتشكل شبكة العلاقات طبقاً للدوران في فلك الأشخاص والأشياء, فإن اللإنسان يصبح أرخص شيئ داخل المجتمع وخارجه, ويدور الصراع داخل المجتمع نفسه, و يمزقه إلى شيع يذيق بعضها بئس بعض, ثم يكون من نتاج ذلك أن تجذب روائح الضعف الطامعين من الخارج.”
“و لقد لخص بعض الباحثين التربويين آثار الوالد على الناشئة فقالوا :- الطفل الذي يعيش في أجواء النقد اللاذع -يتعلم- احتقار الناس.- الطفل الذي يعيش في أجواء الأمن -يتعلم- الثقة بالنفس.- الطفل الذي يعيش في أجواء العداء -يتعلم- المشاجرة و الخصومة.- الطفل الذي يعيش في أجواء التقبل -يتعلم- محبة الخلق.- الطفل الذي يعيش في أجواء الخوف -يتعلم- توقع الأذى و الضرر.- الطفل الذي يعيش في أجواء التفهم -يتعل...م- تطوير الأهداف.- الطفل الذي يعيش في أجواء الشفقة -يتعلم- الأسف لما يحدث معه.- الطفل الذي يعيش في أجواء الصدق -يتعلم- سلامة الصدر.- الطفل الذي يعيش في أجواء الغيرة -يتعلم- الشعور بعقدة الذنب.- الطفل الذي يعيش في أجواء اللطف -يتعلم- رؤية خير الحياة و جمالها.و يمكن أن نمضي بالمقارنة إلى بقية صفات الإنسان و ان نقول :- الطفل الذي يعيش في أجواء الغيبة -يتعلم- سوء الظن.- الطفل الذي يعيش في أجواء العصبية -يتعلم- التكبر على الناس.- الطفل الذي يعيش في أجواء الفوضى -يتعلم- الارتجال.و هـــكـــذا ...”
“إنه لا جدوى من المحاولات الجزئية حين يفسد المجتمع كله و حين تطغى الجاهلية و حين يقوم المجتمع على غير منهج الله و حين يتخذ له شريعة غير سريعة الله، فينبغي حينئذ أن تبدأ المحاولة من الأساس و أن تنبت من الجذور و أن يكون الجهد و الجهاد لتقرير سلطان الله في الأرض.. و حين يستقر هذا السلطان يصبح الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر شيئا يرتكن إلى أساس”
“و حين تجول العين و القلب في مصارع القرون. و حين تطالع العين آثارهم و مساكنهم عن كثب، و حين يتملى الخيال الدور و قد خلت من أهلها الأول؛ و يتصور شخوصهم الذاهبة، و أشباحهم الهاربة، و حركاتهم و سكناتهم، و خواطرهم و أحلامهم، و همومهم و آمالهم.. حين يتأمل هذا الحشد من الأشباح و الصور و الانفعالات و المشاعر.. ثم يفتح عينه فلا يرى من ذلك كله شيئاً إلا الفراغ و الخواء.. عندئذ يستيقظ للهوة التي تفغر فاها لتبتلع الحاضر كما ابتلعت الغابر. و عندئذ يدرك يد القدرة التي أخذت القرون الأولى و هي قادرة على أن تأخذ ما يليها. و عندئذ يعي معنى الإنذار، و العبرة أمامه معروضة للأنظار. فما لهؤلاء القوم لا يهتدون و في مصارع القرون ما يهدي أولى الألباب؟”
“إن هذه التربة الأرضية مؤلفة من ذرات معلومة الصفات. فإذا أخذ الناس هذه الذرات فقصارى ما يصوغونه منها لبنة أو آجرة، أو آنية أو أسطوانة، أو هيكل أو جهاز. كائناً في دقته ما يكون.. و لكن الله المبدع يجعل من تلك الذرات حياة. حياة نابضة خافقة. تنطوي على ذلك السر الإلهي المعجز.. سر الحياة.. ذلك السر الذي لا يستطيعه بشر، و لا يعرف سره بشر.. و هكذا القرآن.. حروف و كلمات يصوغ منها البشر كلاماً و أوزاناً، و يجعل منها الله قرآناً و فرقاناً، و الفرق بين صنع البشر و صنع الله من هذه الحروف و الكلمات، هو الفرق ما بين الجسد الخامد و الروح النابض.. هو الفرق ما بين صورة الحياة و حقيقة الحياة!”