“فلا ينبغي التركيز - إذن - على عبقرية فرد موهوب تبعثه العناية الإلهية ليملأ الأرض عدلا كما مُلئت ظلما وجورا، أو يجدد للناس دينهم الذين انحرفوا عن صراطه فقها أو عملا. وقد كتبتُ بحثا ضافيا في حديث أبي داود الذي يرِد على كثير من الألسنة والأقلام: "أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" وهو حديث صحيح، ولكن معظم الشراح مالوا إلى أن "مَن" في قوله "مَن يجدد" للمفرد، وظلوا يبحثون لكل مائة سنة عن مفرد علم مشهور بعلمه وفضله ليكون هو مجدد القرن. والذي انتهيت إليه أن "مَن" تصلح للجمع كما تصلح للمفرد، بل هي في الحديث أولى أن يراد بها الجمع، فليس بالضرورة أن يكون المجدد فردا واحدا، بل قد يكون جماعة لها كيانها الواحد - أو قد تكون متفرقة في البلدان - كل واحد فيها قائم على ثغرة يحرسها، في ميادين الفكر أو العمل أو الدعوة أو التربية أو الجهاد أو غيرها. وبهذا يكون سؤال المسلم: ما دوري في حركة التجديد؟ بدل أن يكون كل همه أن يسأل: متى يظهر المجدد؟”
“الدين لايسكن على رفوف الكتب أو في رأسك فقط، بل مكانه الحقيقي يجب أن يكون فيما يجب أن يكون أو في ماتفعله، وماتنتجه .. في أن تؤدي ماخلقت من أجله على هذه الأرض”
“المجدد الحقيقي هو الذي يجدد الدين بالدين وللدين وأما من يريد تجديد الدين من خارجه فهو ابعد ما يكون عن التجديد الحق”
“إذا اختلف علماء الإسلام المتخصصون في دراسته وفقهه، والذين عاشوا حياتهم له، يتعلمونه ويُعلمونه، ويدرسون معه كل ما يعين على حسن فهمه من "العلوم الآلية" التي هي آلة الفهم ووسيلة الاستنباط، وهي علوم اللغة والنحو والصرف والمعاني والبيان. إذا اختلف هؤلاء مع دعاة العلمانية - الذين لم يعرفوا من الإسلام إلا قشورا ربما أخذوها عن "المستشرقين" الذين يحسنون بهم الظن أو "المستغربين" الذين تتلمذوا على أيديهم، ولعلهم لم يقرأوا كتابا معتبرا في أصول الفقه أو في مصطلح الحديث بله الفقه أو الحديث نفسه - فمن يكون أحق بالصواب من الفريقين؟ الإسلاميون أم العلمانيون؟ ومع من يسير المسلم وهو مطمئن القلب؟”
“اننا نريد من كل واحد منا أن يفكر هل يمكن أن يقدم نموذجاً في الحفاظ على الوقت أو النهم في القراءة, أو الحرص على صلاة الجماعة أو في الصدق أو التواضع أو خدمة الالاخوان أو بر الوالدين أو الغيرة على حرمات الله تعالى أو نصح المسلمين؟”
“إن طبيعة الإسلام أن يكون قائدا لا مقودا، وسيدا لا مسودا، لأنه كلمة الله، وكلمة الله هي العليا، ولهذا فهو يعلو ولا يُعلى. والعلمانية تريد من الإسلام أن يكون تابعا لها، يأتمر بأمرها وينتهي بنهيها، لا أن يأخذ موقعه الطبيعي والمنطقي التاريخي آمرا ناهيا حاكما هاديا. إنها تباركه وترضى عنه إذا بقى محصورا في الموالد والمآتم، في دنيا الدراويش والمجاذيب، في عالم الخرافة والأساطير. أما أن يتحرك ويُحرك ويوجه الشباب ويقود الجماهير ويفجر الطاقات ويضيء العقول ويلهب المشاعر ويصنع الأبطال ويربي الرجال ويضبط مسيرة المجتمع بالحق ويقيم بين الناس الموازين القسط ويوجه التشريع والثقافة والتربية والإعلام ويُعلِّم الناس أن يدعوا إلى الخير ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ويقاوموا الفساد والانحراف، فهذا ما لا ترضى عنه العلمانية بحال. تريد العلمانية من الإسلام أن يقنع بركن أو زاوية له في بعض جوانب الحياة، لا يتجاوزها ولا يتعداها، وهذا تفضل منها عليه، لأن الأصل أن تكون الحياة كلها لها بلا مزاحم أو شريك! فعلى الإسلام أن يقنع "بالحديث الديني" في الإذاعة أو التلفاز و"بالصفحة الدينية" في الصحيفة يوم الجمعة و"بحصة التربية الدينية" في برامج التعليم العام و"بقانون الأحوال الشخصية" في قوانين الدولة و"بالمسجد" في مؤسسات المجتمع و"بوزارة الأوقاف" في أجهزة الحكومة!”
“من اللحظة التي طُرد فيها آدم من الجنة لم يتخلص من الحرية ولم يهرب الى المآساة ، فهو لا يستطيع أن يكون بريئًا كالحيوان أو الملاك ، إنما كان عليه في أن يختار في أن يكون خيّرًا أو شريرًا ، ، باختصار أن يكون إنسانًا ، هذه القدرة على الاختيار بصرف النظر عن النتيجة ، هي أعلى شكل من أشكال الوجود الممكن في هذا الكون .”