“فإنك إذا عرفت الطب والفقه، يمكنك أن تعرف الأطباء والفقهاء بمشاهدة أحوالهم، وسماع أقوالهم، وإن لم تشاهدهم! ولا تعجز أيضا عن معرفة كون الشافعي - رحمه الله - فقيها، وكون جالينوس طبيبا، معرفة بالحقيقة لا بالتقليد عن الغير، بل بأن تتعلم شيئا من الفقه والطب وتطالع كتبهما وتصانيفهما، فيحصل لك علم ضروري بحالهما.”

أبو حامد الغزالي

Explore This Quote Further

Quote by أبو حامد الغزالي: “فإنك إذا عرفت الطب والفقه، يمكنك أن تعرف الأطباء… - Image 1

Similar quotes

“اعلم أن مفتاح معرفة الله تعالى هو معرفة النفس، كما قال سبحانه وتعالى: (سَنُريهِم آياتِنا في الآفاقِ وَفي أَنفُسِهِم حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُ الحَقُّ). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من عرف نفسه فقد عرف ربه). وليس شيء أقرب إليك من نفسك، فإذا لم تعرف نفسك، فكيف تعرف ربك؟ فإن قلت: إني أعرف نفسي! فإنما تعرف الجسم الظاهر، الذي هو اليد والرجل والرأس والجثة، ولا تعرف ما في باطنك من الأمر الذي به إذا غضبت طلبت الخصومة، وإذا اشتهيت طلبت النكاح، وإذا جعت طلبت الأكل، وإذا عطشت طلبت الشرب.”


“ولا تظنن أن معرفة درجات الوحي تستدعي منصب الوحي إذ لا يبعد أن يعرف الطبيب المريض درجات الصحة ويعلم العالم الفاسق درجات العدالة وإن كان خاليا عنها فالعلم شيء ووجود المعلوم شيء آخر فلا كل من عرف النبوة والولاية كان نبيا ولا وليا ولا كل من عرف التقوى والورع ودقائقه كان تقيا”


“روي عبد الله بن محمد البلوي قال: كنت انا وعمر بن نباتة جلوسا نتذاكر العباد والزهاد فقال لي عمر : ما رأيت أورع ولا أفصح من محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه: خرجت أنا وهو والحارث بن لبيد إلي الصفا وكان الحارث تلميذ الصالح المري فافتتح يقرأ وكان حسن الصوت، فقرأ هذه الآية عليه (هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ*وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) فرأيت الشافعي رحمه الله وقد تغير لونه واقشعر جلده واضطرب اضطرابا شديدا وخر مغشيا عليه فلما أفاق جعل يقول: أعوذ بك من مقام الكاذبين وإعراض الغافلين، اللهم لك خضعت قلوب العارفين وذلت لك رقاب المشتاقين، إلهي هب لي جودك وجللني بسترك واعف عن تقصيري بكرم وجهك. قال: ثم مشي وانصرفنا فلما دخلت بغداد وكان هو بالعراق فقعدت علي الشط أتوضأ للصلاة إذ مر بي رجل فقال لي: يا غلام أحسن وضوءك أحسن الله إليك في الدنيا والآخرة، فالتفت فإذا برجل يتبعه جماعة، فأسرعت في وضوئي وجعلت أقفو أثره، فالتفت إلي فقال: هل لك من حاجة؟ فقلت: نعم، تعلمني مما علمك الله شيئا، فقال لي اعلم أن من صدق الله نجا، ومن أشفق علي دينه سلم من الردي، ومن زهد في الدنيا قرت عيناه مما يراه من ثواب الله تعالي غدا، أفلا أزيدك؟ قلت: نعم. قال: من كان فيه ثلاث خصال فقد استكمل الإيمان: من امر بالمعروف وائتمر ونهي علي المنكر وانتهي، وحافظ علي حدود الله تعالي، ألا أزيدك؟ قلت: بلي، فقال: كن في الدنيا زاهدا وفي الآخرة راغبا واصدق الله تعالي في جميع أمورك تنج مع الناجين، ثم مضي، فسألت: من هذا؟ فقالوا: هو الشافعي. فانظر إلي سقوطه مغشيا عليه ثم إلي وعظه كيف يدل علي زهده وغاية خوفه! ولا يحصل هذا الخوف والزهد إلا بمعرفة الله عز وجل.”


“اعلم أن التوبة عبارة عن معنى ينتظم من ثلاثة أمور : علم ، وحال ، وفعل .فأما العلم فهو معرفة ضرر الذنوب وكونها حجاباً بين العبد وبين كل محبوب ، فإذا وجدت هذه المعرفة ثار منها حال في القلب ، وهي التألم بخوف وفات المحبوب ، وهو الندم ، وباستيلائه يثور إرادة التوبة وتلافي ما مضى ، فالتوبة ترك الذنب في الحال ، والعزم على أن لا يعود ، وتلافي ما مضى ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( الندم توبة ) ، إذ الندم يكون بعد العلم كما ذكرنا .”


“قد خاب بأذيال الضلالات من لم يجمع بتأليف الشرع والعقل هذا الشتات. فمثال العقل : البصر السليم عن الآفات والآذاء ، ومثال القرآن : الشمس المنتشرة الضياء. فأخلق بأن يكون طالب الاهتداء المستغنى إذا استغنى بأحدهما عن الآخر في غمار الأغبياء!فالمعرض عن العقل مكتفيا بنور القرآن مثاله : المتعرض لنور الشمس مغمضا للأجفان!فلا فرق بينه وبين العميان! فالعقل مع الشرع نور على نور”


“ثم يتصور أن يكون له خمسة أحوال عن الفقر ونحن نميزها ونخصص كل حال باسم لنتوصل بالتمييز إلى ذكر أحكامها الحالة الأولى وهي العليا أن يكون بحيث لو أتاه المال لكرهه وتأذى به وهرب من أخذه مبغضا له ومحترزا من شره وشغله وهو الزهد واسم صاحبه الزاهد الثانية أن يكون بحيث لا يرغب فيه رغبة يفرح لحصوله ولا يكرهه كراهة يتأذى بها ويزهد فيه لو أتاه وصاحب هذه الحالة يسمى راضيا الثالثة أن يكون وجود المال أحب إليه من عدمه لرغبة له فيه ولكن لم يبلغ من رغبته أن ينهض لطلبه بل إن أتاه صفوا عفوا أخذه وفرح به وإن افتقر إلى تعب في طلبه لم يشتغل به وصاحب هذه الحالة نسميه قانعا إذ قنع نفسه بالموجود حتى ترك الطلب مع ما فيه من الرغبة الضعيفة الرابعة أن يكون تركه الطلب لعجزه وإلا فهو راغب فيه رغبة لو وجد سبيلا إلى طلبه ولو بالتعب لطلبه أو هو مشغول بالطلب وصاحب هذه الحالة نسميه بالحريص الخامسة أن يكون ما فقده من المال مضطرا إليه كالجائع الفاقد للخبز والعاري الفاقد للثوب ويسمى صاحب هذه الحالة مضطرا كيفما كانت رغبته في الطلب إما ضعيفة وإما قوية وقلما تنفك هذه الحالة عن الرغبة فهذه خمسة أحوال أعلاها الزهد والاضطرار إن انضم إليه الزهد وتصور ذلك فهو أقصى درجات الزهد كما سيأتي بيانه ووراء هذه الأحوال الخمسة حالة هي أعلى من الزهد وهي أن يستوي عنده وجود المال وفقده فإن وجده لم يفرح به ولم يتأذ وإن فقده فكذلك بل حاله كما كان حال عائشة رضي الله تعالى عنها إذا أتاها مائة ألف درهم من العطاء فأخذتها وفرقتها من يومها فقالت خادمتها ما استطعت فيما فرقت اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحما نفطر عليه فقالت لو ذكرتيني لفعلت فمن هذا حاله لو كانت الدنيا بحذافيرها في يده وخزائنه لم تضره إذ هو يرى الأموال في خزانة الله تعالى لا في يد نفسه فلا يفرق بين أن تكون في يده أو في يده غيره وينبغي أن يسمى صاحب هذه الحالة المستغنى لأنه غني عن فقد المال ووجوده جميعا.”