“يَدَّعِي المديحُ نَسَبَاً في الحنان، يَدَّعِي صِلَةً بالعطش الذي في حلقي، صِيغة الحادب، إشارات الموَدَّة؛ للمديح ترسيمةٌ في الطَّيْش، خلاصةٌ في الرُّعونة، وللمديح النقص: كلُّ مديحٍ ناقصٌ، لا مديحَ يكتمل؛ كذا لا كمالَ يُمْتَدَح. وهذا يستنِدُ على وثائق من صحيفةِ المواضعاتِ تزعمُ أنَّ بَيْدَق ستشهدُ كمالاً واحداً، مَرَّةً واحدةً تَثْقُب، وكُتِبَ أنَّه حينَ يَحْدُث تَمْدَحُ بَيْدَق كُلُّها إلى أنْ تُفَجِّرَها قسوةُ الكمالِ الفَاشِيَةِ الماحقة، ويبقى التمساحُ وحدَه لأنَّه لن يُخْدَع؛ إلا أنّه سيُصاب بالضجر، ولن يتبقَّى له سوى أن يَستمْنِي طيلة الدهر في استمناءةٍ طويلةٍ لا تَنْفَد؛ تصبحُ تاريخَ بَيْدَق.”
“لا ينبغي أن ننسى أن الذي لا يحافظ على طراوة قلبه وصفوة روحه في كل أوان، ولا يقي نقاءه وطهره كنقاء وطهر الأطفال برفقة ثرائه الذهني والفكري والحسي في كل وقت، لن يوحي بالثقة إلى من حوله ولن يحوز على التصديق والإقناع قطعًا، مهما توسع في رحاب العلم والأدب والخبرة.”
“الإسْلامُ لا يُمكن أن يُؤدّي دورهُ , إلا أن يتمثَّل في مجتَمع , أي أنْ يتمثَّلَ في أمَّة !فالبشريَّةُ لا تستمع إلَى عقيدَةٍ مُجرَّدة , لا ترَى مصدَاقَها الواقعيَّ في حيَاةٍ مشهُودة !”
“إن الحب كقيمة مطلقة سرٌ كبيرٌ من اسرار الدنيا ، لا يعيه إلا الإنسان المحظوظ النقي القادر دوماً على تجديد شباب قلبه بالعطاء والتسامح. يبدأ الإنسان منا حياته متدفقاً بالحب والحنان والتفاؤل والثقة ثم يجف هذا النبع العاطفي في قلبه كلما كبر ، ويتحول مع الزمن إلى عجوز أناني بخيل لا يحس إلا مصلحته ولا يجري إلا خلف منفعته ، والسبب أن أحلامه الصغيرة وعواطفه الصافية تصطدم مرة بعد مرة بما يخيب أمله ويزلزل ثقته في الدنيا وفي الناس -يتعثر الإنسان في مشوار حياته ومع تكرار العثرات والتجارب الفاشلة لا يجد في قلبه رصيداً يغطي هذا الفشل ، ويحفظ له ابتسامته وتفاؤله فيفقد النضارة ويجف ويقسو ، ويتحول سخطه إلى سخط على الدنيا كلها والسبب أنه لم يجد كفايته من الحنان ، لم يجده في الدنيا ولم يجده في قلبه فأفلس . والدليل على هذا أن القلب الكبير لا يحدث له هذا الجفاف مهما كبر وشاخ لأنه يجد في نفسه القدرة على بذل الحنان دائماً مهما حدث له ومهما تلقى من صدمات . وبهذه القوة وحدها يسترد حب الناس الذي فقده ويسترد ثقته في الدنيا”
“من أنا في هذا الليل أيَّتُها النفسُ الجاحدة؟ أينَ أملاكي من الكلامِ الرهيفِ الذي وَزَّعتُهُ على الآخرينَ فما أعْطَوْني إلا صَمْتَهم؟ أينَ صُراخي في مراياهُم التي أُعلِّقُها على الجُدرانِ؟ إنني الآنَ أُقيمُ في ساقيةٍ واحدةٍ يَمُرُّ فيها أشباحُ من مَرُّوا على حياتي فأَفسَدوها لا أُريدُ منهم سوى أنْ يتركوني. لا الحياةُ صديقتي وهي ليستْ بصديقةٍ لهم بالضرورة. أعرفُ هذا وأحفَظُهُ عن ألم.”
“ظنوا أن النبي لا يحزن ، كما ظن قومٌ أن الشجاع لا يخاف ولا يحب الحياة ، وأن الكريم لا يعرف قيمة المال .ولكن القلب الذي لا يعرف قيمة المال لا فضل له في الكرم ، والقلب الذي لا يخاف لا فضل له في الشجاعة ، والقلب الذي لا يحزن لا فضل له في الصبر .إنما الفضل في الحزن والغلبة عليه ، وفي الخوف والسمو عليه ، وفي معرفة المال والإيثار عليه”