“ولكن التعذيب بالتدريج يتسبب في حدوث تغييرات في المعذِب ذاته إضافة إلى التغييرات التي تحدث للمعذَب، فقد كان القضاء على الخصم يتم بالقتل، ولكن من خلال التعذيب، ومن خلال التخويف، بمعنى تحذير الناس من أن يفعلوا ما يعرضهم للتعذيب, يتم قتل الخصم، والآخرين، من الداخل من دون قتله، أو قتلهم، جسديا.”
“اللامعيارية هي إمكانية كامنة في النماذج المادية التي تطمح لأن يولّد الإنسان المعيارية إما من عقله أو من الطبيعة/المادة و من خلال التطور يكتشف الإنسان أن عقله بلا مرجعية و أنه يدور حول ذاته و يقدس القوة ، و أن الطبيعة/المادة حركة بلا غاية أو هدف ، و من ثم لا تصلح مصدرا للمعيارية ، ومن ثم يتم الانتقال من العقلانية المادية إلى اللاعقلانية المادية ،و من التحديث و الحداثة إلى ما بعد الحداثة”
“مأساة المنتحر تكمن بالتحديد في أن تدمير الذات المدانة وصورتها السيئة يتم من خلال الجسد (وعاء الذات الوحيد) وبالتالي القضاء الفعلي على الوجود. اما في وهم المنتحر، فالأمر لا يعدو القدرة على الإقدام على فعل خطير وجذري من أجل الخلاص.”
“إن الانسان بذاته, ومن خلال الممارسات الشنيعة عبر تاريخ الحروب, لم يكن ميالا إلى الحفاظ على حياة هؤلاء, فالحروب تقوم لأهداف يراها القادة والزعماء وتجعلهم يعلنونها ويشنونها, ولكن هذه الأهداف تصل إلى الأفراد بطريقة خاصة تجعلهم مؤهلين للقتل من أجلها في الميدان, غير أن تأهيلهم لهذا القتل لا ينتهي عند استعدائهم على الخصم المحارب لقتله أو إيقاع الهزيمة فيه, بل يمتد إلى قتل الجريح والأعزل والمستسلم ثم المدني المسالم, ما يمكن تلخيصه بالرغبة في ابادة الطرف الآخر ابادة نهائية.”
“الذين يفرضون التعذيب يريدون أن يحققوا ما هو أكثر من ذلك, يريدون أن يوصلوا الضحية إلى أقصى حالات الضعف والألم ومن ثم التذلل, وحين يفشلون يخيب أملهم, وهذا الفشل إما ينجم عن الضربة القاتلة الخاطئة التي يضربها الجلاد, وإما أن ينجم عن قرار الضحية واختياره الموت .. الموت بلا توجع وتذلل. ولعل "الطريف" في مسألة التعذيب, إن كان في هذا الأمر ما يمكن وصفة بالطرافة, هو أن من أصول لعبة التعذيب أن يتقن الجلاد عمله فلا يتسبب في موت الضحية, الموت الداخلي هو المطلوب وليس الموت الخارجي والجسدي.”
“إنني أعتقد أن هذا الكوكب تضيئه نافذة ذات ألوان، فهنا فرد ينظر من خلال اللون الأزرق، وآخر من خلال اللون الأحمر أو الأصفر، ولكن اللون في الخارج لون أبيض، والذين يرونه على حقيقته إنما هم الذين ينظرون من نافذة مفتوحة”