“ترى أي قيمة تبقى لحياة تضمحل فيها الفوارق بين الحق والباطل؟ وأي فائدة تبقى لعلم لا يملك أن يصنفهما ويضع كلاً منهما في المكان اللائق به؟ بل أي مزية تبقى للعلم على الجهل إذا لم يكن بوسعه أن يحجز الحق عن الباطل، ولم يتأتّ له أن يحمي الحق في حصن من القداسة والتنزيه؟”
“و إذن.. فالإسلام, الذي هو الدين الحق, ليس ممارسة لحقيقة العلم, و لا هو خط مستقل أو مواز للعلم لا ينطلق معه من بداية و لا ينتهي معه إلى نهاية, وإنما الإسلام نهاية على طريق العلم, فمن أذعن للعلم و أخلص له, وواصل رحلته على طريقه, لا بدَّ أن يجد نفسه وجها لوجه أمام الحقيقة العلمية الكبرى.. أمام الدين الحق الذي هو الإسلام.”
“إن جميع مدارك الإنسان إنما هو وليد تصوراته، والتصورات إنما تتجمع في الذهن عن طريق نوافذ الحواس الخمس. وهذا يعني أن الإنسان لا يعقل من المجردات إلا ما كان له مقاييس ونماذج حسية في ذهنه، فما لم يسبق له في ذهنه أي نموذج أو مقياس فإن من المحال بالنسبة إليه أن يتصوره ويدركه”
“و صفوة القول أننا لا نريد من هؤلاء الاخوة أن يتخلوا عن آرائهم الاجتهادية التى اقتنعوا بها. بل لا نملك أن نريد منهم ذلك, بل انهم هم أنفسهم لا يملكون ,فيما يقضى به الشرع, الا أن يتمسكوا بها و يدافعوا عن قناعاتهم الشخصية تجاهها ما داموا صادقين فى قناعاتهم العلمية بها.و لكننا نذكرهم بأن عليهم أن لا يجعلوا من آرائهم هذه مظهرا للدين الحق الذى لا محيد عنه الا الى الكفر و الشرك و الضلال , بل عليهم - وقد علمنا أنها مسائل اجتهادية- أن يتنبهوا الى أن المسلمين يسعهم أن يأخذوا فى هذه المسائل و أمثالها بما قد يهديهم اجتهادهم , ان كانوا أهلا للاجتهاد, ضمن دائرة المنهج المرسوم لهم جميعا. ولا عليهم أن يتفقوا فى نتيجة اجتهاداتهم هذه أو يختلفوا فيها. فكلهم مقبول بفضل الله و رحمته و مأجور.”
“لم يكن سلطان الحب يوماً ما ليجلس فوق عرش القلوب من وراء الستر المرخاة والحجب المسدلة. وليطل وقت اختفائه عن الأنظار والأسماع مهما طال، فلا بدّ أخيراً أن يهتك كل ما يحيط به من حجب، ولا بدَّ أن يتراءى أمام الناس في جبروته القوي، وسلطانه القاهر، ولا بدَّ أن يعلن عن نفسه وعن شوكته سواء أرضي الناس أم غضبوا”
“ذلك أن طريق الحب واحد, أيا كان المحبوب الذي يقف على أي جانبي الطريق. كل ما في الأمر أن على السالك أن لا ينهي رحلته عند المحطات التي تستهويه فيركن إليها. بل عليه ان يتجاوزها جميعا ما دام الطريق أمامه ممتداً ومفتوحاً, وعليه أن يعلم ان محبوبه أمامه .. ولسوف يشعر كلما أوغل في الطريق وتجاوز محطة إلى أخرى فأخرى, بجاذب يشده إلى المضي قدما. ولسوف تتلظى بين جوانبه نيران الحنين إلى المعين, حيث المحبوب الأول .. إلى الغاية القدسية الكامنة في نهاية شارع الحب .. وعندئذ لا بد من أن يغذّ السير, طال الطريق به أو قصر, متجاوزاً المحطات والسواقي, مشدوداً إلى النهاية .. وما النهاية التي سيلقي عندها عصا التسيار إلا الوصول إلى المحبوب الحقيقي الذي هو معين كل جمال تتعشقه العين ومصدر كل إحسان يغمر النفس .”
“لا تنس أيها الصبا أن تعود إليّ بغبار من تراب ذلك المكان، عد إليّ ولو بقليل منه، فإن في ذراته رائحة قلبي وبلسم دائي”