“إن الفكر أو الجوهر (الوجود الكامن) يتجسم في الفعل, (الوجود الظاهر). وإنه يستفيد من النقص الذي في الفعل لينتقل به إلى الكمال الذي يمثله هو. أي إن الفكر يتناقض مع فعله, وإذا كان التناقض صراعًا, فإن الصراع يبقى طالما وجد نقص, طالم وجد تناقض بين الفكر والفعل, بين المضمون والشكل. وإنهما متى ما تطابقا, انتهى التناقض وتوقف الصراع, لأن غاية الصراع أن يبلغ بالفعل كمال الفكر.”
“فالصراع دائماً يكون بين قوتين، وحين يكون الصراع بين قوتين، إنما يكون بين حق وباطل، وإذا كان الصراع بين حق وباطل، فلا يطول ذلك الصراع أبداً؛ لأن الباطل زهوق، وإما أن يكون صراعاً بين حقين، فذلك لا يوجد؛ لأنه لا يوجد في قضية واحدة حقان يتصارعان، وإما أن يكون بين باطلين، وذلك هو الصراع المشهود الذي يطول ولا ينتهي أبداً؛ لأن أحد الباطلين ليس أولى بأن ينصره الله (عز وجل) على غيره، فيظل الصراع طويلاً، فإذا رأيت معركة بين طرفين ولم تنتهي، فاعلم أن الصراع فيها بين باطلين.”
“نحن جزء من الصراع, لكننا كنّا دائماً ننظر إلى أنفسنا وقف نظرة الآخر إلينا, وهذا يعني أنّ الأمر أقرب إلى "التنكيل" منه إلى الصراع, إن الأمر أقرب في صورته إلى الوالد الذي يعاقب ابنه الصغير, لكنه يسمّي هذا "مصارعة".المصارعة تقتضي مشاركة الطرفين في الفعل كفاعلين, لا كفاعل ومفعول به.”
“إن تجديد عقل ما يحتاج إلى مخاطبة هذا العقل بالأسلوب الذي تعود الإنصات إليه ، وكلما أمكن : بالوسائل التي يستعملها هو نفسه . إن ذلك هو السبيل الوحيد الذي يجعل العقل المراد تجديده ينصت ويستوعب . أما اصطنطاع الغموص أو عدم التمكن من التحرز منه ، أما نقل الأفكار في نفس غلافها الأصلي وعدم القدرة على إلباسها غلافا يأنس العقل المنقول إليه ، أما الطريقة التي يكتب بها كثير من دعاة التجديد في الفكر العربي المعاصر ، فإن رد الفعل إزاءها ، من طرف العقل الذي تخاطبه ، لن يختلف عن رد أبي سعيد السيرافي إزاء التراجمة التي كانوا يلتزمون النقل الحرفي ويكتبون بلغة غير بيانية وغير مبينة ، رد الفعل الذي عبر عنه السيرافي بقوله : لا سبيل إلى إحداث لغة في لغة مقررة بين أهلها”
“الفعل دون الفكر أعمي، والفكر دون الفعل فراغ”
“الفكر البشري لا ينشأ في حالة التوازن التام بين الإنسان وبيئته ونادرا ما تتحقق هذه الحالة, فالغالب أن يكون هناك نوع من اللاتوازن بين الإنسان بل بين الكائن الحي بوجه عام وبين المؤاثرات البيئية المحيطة به.وما الفكر إلا تلك الأداة أو بتعبير أدق فإن الفكر واحد من الأدوات التي يستعين بها الإنسان على اجتياز حالة اللاتوازن تلك, وتحقيق أكبر قدر ممكن من التكيف والتواؤم بينه وبين ظروفه الخارجية سعيا إلى تحقيق التوازن.”