“إن الحياة بحث عن التطابق بين الجانب النفسي من الحاجات و الجانب الخارجي من الحاجات . مثلا بين الحاجة للأكل و بين الأكل الذي على المائدة . لكن سقوط السبب الرئيسي و انهيار فهم الحياة يحدث تغيرا جوهريا في عملية البحث عن تحقيق التطابق . يتحول البحث من بحث يستهدف تحقيق التطابق بالممارسة العملية إلى بحث يستهدف الذات ( معرفة الذات أو البحث عن هوية مثلا ) . هذه بداية الانسحاب من العالم الخارجي اي اعتبار مواضيع الحاجات غير حقيقية .فالرغبة في العثور على الذات و معرفتها تقود الى مجموعة هائلة من الرغبات الجديدة نوعيا . الرغبة في الأكل مفهومة طبيعية ..... لكن الرغبة في معرفة الذات رغبة مجردة . إنني لا أعرف ما الذي أريده بالضبط ولا حتى كيف أصل إليه ( البحث عن السب الرئيسي مثلا يعني اني لا اعرفه بل ابحث عنه ) ...... تتميز ارغبات الجديدة بانعدام مواضيعها الملموسة في العالم الخارجي , إنها رغبات ذاتية تستهدف الحصول على شيء ذاتي و نفسي و غير محدد .”
“لكن الذات المكتفية بذاتها , الذات الأنانية المتقوقعة و المستقلة دون "نقطة ارتكاز في الواقع الملموس " بدون سبب رئيسي و لافهم حياة ثابتين , ليس الا ذاتا فارغة امام حرية مرعبة في ان تختار ما تشاء , لابد هنا من رفض هذ الذات و احتقارها لان استقلالها استقلال وهمي فقط , و تكفي أي هزة لتحطيمه , هنا يصبح الانتحار أعلى أشكال توكيد الذات لأنه الخطوة الأخيرة الممكنة في الاتجاه نفسه : إنه الفعل الحقيقي الذي يقلب وجود الفرد رأسا على عقب دون أن، يتطلب تغيير الاتجاه جذريا”
“و اتسكع في بقع سفلية من هذا النوع , حيث افقد في كل خطوة معلما من معالمي , ذاك من علاما الخائفين , ومن انهارت ارادتهم و انسحبت كالحلزون الأحمر إلى داخل قوقعة مشكوك فيها . كنت أتخيلني ذئبا , أحيانا , و لكن بدل ان اهجم نحو نيران الرعاة ليلا و استبيح ما استبيح , كنت اتخيلني واقفا في الغروب , امام شفق بعيد , على تلة , و اعوى في حزني . الحزن ضعف ولو صرت به شبه اله يا انكيدو , و الشعور بالذنب ضعف و لو صرت به قديسا يا انكيدو , و الشفقة على اي شيء و على نفسك ضعف ولو صرت بها مسيحا . و هاهو ذلك الصوفي من قونية , يبشرني بطريق آخر : معرفة أنني أيضا , خطر , معرفة أخرى بطقوس مضادة , و رقص نقيض”
“لو بحث الناس عن قواهم العقلية بحثاً جيداً و كشفوا عن الأفق الذي يفصل بين الأجزاء المضيئة و الأجزاء المظلمة و ميزوا بين ما يمكن فهمه و ما لا يمكن لاطمئنوا إلي جهلهم في الجانب المظلم و رضوا به و لاستخدموا أفكارهم و أبحاثهم في الجانب الآخر استخداماً أنفع و ابعث علي الاطمئنان … جون لوك”
“أريد من الطالب أن يظهر اهتماما و رغبة في البحث عن الجواب. أنتم تريدون أجوبة جاهزة و الحياة ليست هكذا”
“في كل ذهن تسبح الأفكار و تبقي نتف, بين الفكرة الأولي و بين الفكرة الأخري هناك الكثير لكي يكتشف,و من هذه الكلمات شعرت أن روحي التي كانت تشبه كتلا متراصة, صارت غربالا انفتحت فراغات بين كل فكرة و أخري, و كأن ذهني صار جزرا صغيرة متباعدة في محيط أزرق مشمس, بين الجزيرة و الأخري معارف لا نهائية غير مكتشفة,و شعرت أن كل ما أعرفه لا شئ, مقارنة بما يمكن أن أعرفه.”
“(من مسوغات العزل) الخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد، و الاحتراز من الحاجة إلى التعب في الكسب و دخول مداخل السوء. و هذا أيضاً غير منهيّ عنه، فإن قلة الحرج معين على الدين، نعم الكمال و الفضل في التوكل، و الثقة بضمان الله حيث قال: (و ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها)، و لا جرم فيه سقوط عن ذروة الكمال، و ترك للأفضل، و لكن النظر إلى العواقب و حفظ المال و ادخاره – مع كونه مناقضاً للتوكل – لا نقول: إنه منهي عنه.”