“لولا السرور في ساعة الميلاد ما كان البكاء في ساعة الموت, ولولا الوثوق بدوام الغنى ما كان الجزع عند الفقر, ولولا فرحة التلاقي ما كانت ترحة الفراق.”
“أيها المسلمون: ليس ما كان في صدر الإسلام من محاربة المسلمين المسيحيين كان مراداً به التَّشفّي والانتقام منهم, أو القضاء عليهم, وإنما كان لحماية الدعوة الإسلامية أن يتعرضها في طريقها معترض أو يحول بينها وبين انتشارها في مشارق الأرض ومغاربها حائل, أي أن القتال كان ذوداَ ودفاعاَ, لا تشفياّ وانتقاما.”
“... كثيرًا ما تجد بين الجهلاء من تعجبك استقامته وبين العلماء من يدهشك اعوجاجه, وإن كان صحيحًا ما يقولون من أنّ العلم ما ينتفع به صاحبه فكثير من الجهلاء أعلم من كثيرٍ من العلماء.فلا تبالغ في تقدير فلسفة الفلاسفة وعلم العلماء, ولا تنظر إليهم نظرًا يملأ قلبك رهبةٌ, ولا تغلُ في احتقار الجهلاء وازدراء العامة والدَّهماء, ولا تكن ممن يقضون حياتهم أسرى العناوين وعبيد الألقاب.”
“فأي مقدور من المقدورات تضيق به قوة الله وحكمته، وأي عقل من العقول الإنسانية يستطيع أن يبدع في تصوراته وتخيلاته الذهنية فوق ما تبدع يد القدرة في مصنوعاتها وآثارها، وهل الصور والخيالات التي تمتلئ بها أذهاننا وتموج بها عقولنا إلا رسوم ضئيلة لحقائق هذا الكون وبدائعه، ولو أن سامعا سمع وصف منظر الشمس عند طلوعها، أو مهبط الليل عند نزوله، أو جمال غابة من الغابات، أو شموخ جبل من الأجبال، ثم رأى بعد ذلك عيانا، ما كان يراه تصورا وخيالا، لعلم أن جمال الكائنات فوق جمال التصورات، وحقائق الموجودات فوق هواتف الخيلات، لذلك أعتقد أني ما تخيلت هذه السعادة التي أقدرها لنفسي إلا لأنها كائن من الكائنات الموجودة و أنها آتية لا ريب فيها.”
“أنا لا أقول إلا ما أعتقد, ولا أعتقد إلّا ما أسمع صداه من جوانب نفسي, فربَّما خالفتُ الناس أشياءً يعلمون منها غير ما أعلم, ومعذرتي إليهم في ذلك أن الحقَّ أولى بالمجاملة منهم, وأن في رأسي عقلاً أُجِلُّه عن أن أنزل به إلى أن يكون سيقةً للعقول, وريشةً في مهاب الأغراض والأهواء .”
“أعجب ما أعجب له في شؤونكم أنكم تعلمتم كل شيء، إلا شيئاً واحداً هو أدنى إلى مدارككم أن تعلموه قبل كل شيء، وهو أن لكل تربة نباتاً ينبت فيها، ولكل نبات زمناً ينمو فيه.رأيتم العلماء في أوروبا يشتغلون بكماليات العلوم بين أمم قد فرغت من ضرورياتها، فاشتغلتم بها مثلهم في أمة لا يزال سوادها الأعظم في حاجة إلى معرفة حروف الهجاء.ورأيتم الفلاسفة فيها ينشرون فلسفة الكفر بين شعوب ملحدة، لها من عقولها وآدابها ما يغنيها بعض الغناء عن إيمانها، فاشتغلتم بنشرها بين أمة ضعيفة ساذجة لا يغنيها عن إيمانها شيء، إن كان هناك ما يغني عنه.ورأيتم الرجل الأوروبي حراً مطلقاً يفعل ما يشاء ويعيش كما يريد، لأنه يستطيع أن يملك نفسه وخطواته في الساعة التي يعلم فيها أنه قد وصل إلى حدود الحرية التي رسمها لنفسه فلا يتخطاها، فأردتم أن تمنحوا هذه الحرية نفسها رجلاً ضعيف الإرادة والعزيمة، يعيش من حياته الأدبية في رأس مُنحدرٍ زَلقٍ إن زلّت به قدمُه مرة تدهور من حيث لا يستطيع أن يستمسك، حتى يبلغ الهوّة ويتردى في قرارتها.ورأيتم الزوج الأوروبي الذي أطفأت البيئة غيرته.. وأزالت خشونة نفسه وحُرْشَتَهَا ، يستطيع أن يرى زوجته تخاصر من تشاء، وتصاحب من تشاء، وتخلو بمن تشاء، فيقف أمام ذلك المشهد موقف الجامد المتبلد. فأردتم الرجل الشرقي الغيور الملتهب أن يقف موقفه، ويستمسك استمساكه!.. إن كل نبات يزرع في أرض غير أرضه، أو في ساعة غير ساعته، إما أن تأباه الأرض فتلفظه، وإما أن ينشب فيها فيفسدها.”
“أكثر الناس متفقون على ما يظنون أنهم مختلفون فيه، فإن لكل شيء جهتين: جهة مدح، وجهة ذم، فإما أن تتساويا، أو تكبر إحداهما الأخرى، فإن كان الأول فلا معنى للاختلاف، وإن كان الثاني وجب على المختلفين أن يعترف كل منهما لصاحبه ببعض الحق، لا أن يكون كل منهما من سلسلة الخلاف في طرفها الأخير.”