“وفرعون ذي الأوتاد وهي على الأرجح الأهرامات التي تشبه الأوتاد الثابتة في الأرض المتينة البنيان وفرعون المشار إليه هنا هو فرعون موسى الطاغية الجبار هؤلاء هم الذين [طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد] وليس وراء الطغيان إلا الفساد فالطغيان يفسد الطاغية ويفسد الذين يقع عليهم الطغيان سواء كما يفسد العلاقات والارتباطات في كل جوانب الحياة ويحول الحياة عن خطها السليم النظيف المعمر الباني إلى خط آخر لا تستقيم معه خلافة الإنسان في الأرض بحال إنه يجعل الطاغية أسير هواه لأنه لا يفيء إلى ميزان ثابت ولا يقف عند حد ظاهر فيفسد هو أول من يفسد ; ويتخذ له مكانا في الأرض غير مكان العبد المستخلف ; وكذلك قال فرعون (أنا ربكم الأعلى) عندما أفسده طغيانه فتجاوز به مكان العبد المخلوق وتطاول به إلى هذا الادعاء المقبوح وهو فساد أي فساد ثم هو يجعل الجماهير أرقاء أذلاء مع السخط الدفين والحقد الكظيم فتتعطل فيهم مشاعر الكرامة الإنسانية وملكات الابتكار المتحررة التي لا تنمو في غير جو الحرية والنفس التي تستذل تأسن وتتعفن وتصبح مرتعا لديدان الشهوات الهابطة والغرائز المريضة وميدانا للانحرافات مع انطماس البصيرة والإدراك وفقدان الأريحية والهمة والتطلع والارتفاع وهو فساد أي فساد ثم هو يحطم الموازين والقيم والتصورات المستقيمة لأنها خطر على الطغاة والطغيان فلابد من تزييف للقيم وتزوير في الموازين وتحريف للتصورات كي تقبل صورة البغي البشعة وتراها مقبولة مستساغة وهو فساد أي فساد فلما أكثروا في الأرض الفساد كان العلاج هو تطهير وجه الأرض من الفساد [فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد] فربك راصد لهم ومسجل لأعمالهم فلما أن كثر الفساد وزاد صب عليهم سوط عذاب وهو تعبير يوحي بلذع العذاب حين يذكر السوط وبفيضه وغمره حين يذكر الصب حيث يجتمع الألم اللاذع والغمرة الطاغية على الطغاة الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد ومن وراء المصارع كلها تفيض الطمأنينة على القلب المؤمن وهو يواجه الطغيان في أي زمان وأي مكان ومن قوله تعالى إن ربك لبالمرصاد تفيض طمأنينة خاصة فربك هناك راصد لا يفوته شيء مراقب لا يند عنه شيء فليطمئن بال المؤمن ولينم ملء جفونه فإن ربه هناك بالمرصاد للطغيان والشر والفساد وهكذا نرى هنا نماذج من قدر الله في أمر الدعوة غير النموذج التي تعرضه سورة البروج لأصحاب الأخدود وقد كان القرآن ولا يزال يربي المؤمنين بهذا النموذج وذاك وفق الحالات والملابسات ويعد نفوس المؤمنين لهذا وذاك على السواء لتطمئن على الحالين وتتوقع الأمرين وتكل كل شيء لقدر الله يجريه ك”
“إن الإسلام لا يريد من المؤمنين أن يدعوا أمر الدنيا . فهم خلقوا للخلافة في هذه الدنيا . ولكنه يريد منهم أن يتجهوا إلى الله في أمرها ؛ وألا يضيقوا من آفاقهم , فيجعلوا من الدنيا سوراً يحصرهم فيها . . إنه يريد أن يطلق " الإنسان " من أسوار هذه الأرض الصغيرة ؛ فيعمل فيها وهو أكبر منها , ويزاول الخلافة وهو متصل بالأفق الأعلى . . ومن ثم تبدو الاهتمامات القاصرة على هذه الأرض ضئيلة هزيلة وحدها حين ينظر إليها الإنسان من قمة التصور الإسلامي . .”
“يقول زوجها "أرى أن الفساد صار جزءًا من الأنظمة" شرح قائلاً : "الذي تسمينه فساد يُشكل جزءًا من كل الأنظمة،كلها .. بل أكثر من ذلك،لو لم يكن الفساد موجودًا ماعملت الأنظمة. المهم هو معرفة بأي جزء من النظام يوجد الفساد ،والتحكم فيه لكي لا ينمو أكثر مما تستطيع كل مؤسسة أن تتحمله.ولكن بصفة عامة،وانطلاقًا من مستويات معروفة من المسئولية،الفساد ليس فقط أمر غير سئ،بل إنه أمر مرغوب فيه .التفكير في العكس على أحسن تقدير هو سذاجة." (!)”
“لا يوجد في العالم من يشعر بالمسؤولية عن الفساد الذي يقع في الأرض وإنما ينسبه إلى الآخرين.”
“وقد سلك الأنبياء عليهم السلام في إنقاذ الأمم من فساد الأخلاق مسلك الإبتداء . أولًا بفك العقول من تعظيم غير الله والإذعان لسواه ، وذلك بتقوية حسن الإيمان المفطور عليه وجدان كل إنسان ، ثم جهدوا في تنوير العقول بمباديء الحكمة ، وتعريف الإنسان كيف يملك إرادته ، أي حريته في أفكاره ، واختياره في أعماله وبذلك هدموا حصن الإستبداد وسدّوا منبع الفساد .”
“الشيخ موسى على حق في كل شيء. لا يمل الشيخ من القول: "لا تودِع قلبك في مكان غير السماء، إذا أودعته عند مخلوق على الأرض طالته يد العباد وحرقته". والشيخ موسى لا يرهن قلبه. لم يرهنه قط. لم يتزوج ولم يلد ولم يربي قطعان الأغنام أو الإبل. ربما كان هذا هو سبب تحرره من الهم. لم يره غاضبا. ولم يره ضاحكا. ابتسامة واحدة، ثابتة، مطبوعة على شفتيه.”