“طبائع الاستبداد الحكومة المستبدة تكون طبعاً مستبدة في كل فروعها من المستبد الأعظم إلى الشرطي، إلى الفرّاش، إلى كنّاس الشوارع، ولا يكون كل صنف إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقاً، لأن الأسافل لا يهمهم طبعاً الكرامة وحسن السمعة إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدومهم بأنهم على شاكلته، وأنصار لدولته، وشرهون لأكل السقطات من أي كانت ولو بشراً أم خنازير، آبائهم أم أعدائهم، وبهذا يأمنهم المستبد ويأمنونه فيشاركهم ويشاركونه، وهذه الفئة المستخدمة يكثر عددها ويقل حسب شدة الاستبداد وخفته، فكلما كان المستبد حريصاً على العسف احتاج إلى زيداة جيش المتمجدين العاملين له المحافظين عليه، واحتاج إلى مزيد الدقة في اتخاذهم من أسفل المجرمين الذين لا أثر عندهم لدين أو ذمة، واحتاج لحفظ النسبة بينهم في المراتب بالطريقة المعكوسة, وهي أن يكون أسفلهم طباعاً وخصالاً أعلاهم وظيفةً وقرباً، ولهذا لا بد أن يكون الوزير الأعظم للمستبد هو اللئيم الأعظم في الأمة.تواسي فئة من أولئك المتعاظمين باسم الدين الأمة فتقول ((يا بؤساء: هذا قضاء من السماء لا مرد له، فالواجب تلقيه بالصبر والرضاء والالتجاء إلى الدعاء، فاربطوا ألسنتكم عن اللغو والفضول، واربطوا قلوبكم بأهل السكينة والخمول، وإياكم والتدبير فإن الله غيور، وليكن وردكم: اللهم انصر سلطاننا، وآمنّا في أوطاننا، واكشف عنّا البلاء، أنت حسبنا ونعم الوكيل.”

عبد الرحمن الكواكبي

Explore This Quote Further

Quote by عبد الرحمن الكواكبي: “طبائع الاستبداد 	الحكومة المستبدة تكون طبعاً مستب… - Image 1

Similar quotes

“الاستبداد يخدر اعصاب الامة فيجعلها كالمصاب بداء الحمى فهى لا ترى غير الهول والشدة فتئن من البلاء ولا تدرى ما هو دواؤه فتواسيها فئة من اولئك المتعاظمين باسم الدين يقولون :يا بؤساء هذا قضاء من السماء لا مرد له عليكم بالصبر والرضاء والالتجاء الى الله بالدعاء فاربطوا ألسنتكم عن اللغو الفضول واربطوا قلوبكم بأهل السكينة والخمول وليكن وردكم اللهم انصر سلطاننا وامنا فى اواطننا واكشف البلاء عنا حسبى الله ونعم الوكيل وهؤلاء أما جبناء او خائنون مخادعون يريدون التثبيط والامتنان ع الظالمينالكواكبى- بتصرف”


“الحكومة المستبدة تكون مستبدة في كل فروعها من المستبد الأعظم إلى الشرطي إلى الفرَّاش إلى كنَّاس الشوارع”


“المستبد لا يستغنى عن أن يستمجد بعض افراد من ضعاف القلوب الذين هم كبقر الجنة لا ينطحون ولا يرمحون، يتخذهم كنموذج البائع الغشاش، على انه لا يستعملهم في شئ من مهامه فيكونون لديه كمصحف في خمارة او سبحة في يد زنديق . وربما لا يستخدم بعضهم في بعض الشئون تغليطآ لأذهان العامة في أنه لا يتعمد استخدام الأراذل والأسافل فقط ، ولهذا يقال أن دولة الاستبداد دولة بله واوغاد..عبدالرحمن الكواكبي، الاعمال الكاملة..”


“ويقررون أن هذا التشاكل بين القوتين ينجرّ بعوام البشر وهم السواد الأعظم إلى نقطة أن يلتبس عليهم الفرق بين الإله المعبود بحق وبين المستبد المطاع بالقهر، فيختلطان في مضيق أذهانهم من حيث التشابه في استحقاق مزيد التعظيم، والرفعة عن السؤال وعدم المؤاخذة على الأفعال، بناء عليه لا يرون لأنفسهم حقاً في مراقبة المستبد لانتفاء النسبة بين عظمته ودنائتهم، وبعبارة أخرى يجد العوام معبودهم وجبّارهم مشتركين في كثير من الحالات والأسماء والصفات، وهم هم، ليس من شأنهم أن يفرقوا مثلاً بين (الفعّال المطلق) والحاكم بأمره، وبين (لا يسأل عما يفعل) وغير مسؤول، وبين (المنعم) وولي النعم، وبين (جل شأنه) وجليل الشأن. بناء عليه يعظمون الجبابرة تعظيمهم لله، ويزيدون تعظيمهم على التعظيم لله لأنه حليم كريم ولأن عذابه آجل غائب، وأما انتقام الجبار فعاجل حاضر.”


“ إنه ما من مستبد سياسي إلى الآن إلا ويتخذ له صفة قدسية يشارك بها الله ، أو تعطيه مقام ذي علاقة مع الله ولا أقلّ أن يتخذ بطانة من خدمة الدين يعينونه على ظلم الناس باسم الله وأقل ما يعينون به الاستبداد تفريق الأمم إلى مذاهب وشيع متعادية تقاوم بعضها بعضاً ”


“و من طبائع الاستبداد أن الأغنياء أعداؤه فكرا و أوتاده عملا , فهم ربائط المستبد يذلهم فيئنون و يستدرهم فيحنون و لهذا يرسخ الذل في الأمم التي يكثر أغنياؤها”