“هنا نجد اساس المشكلة الطائفية. فالطائفية ليست الدين ولا التدين. وانما هي بعكس ذلك تماما اخضاع الدين لمصالح السياسة الدنيا, سياسة حب البقاء والمصلحة الذاتية والتطور على حساب الجماعات الاخرى.ومن الجدير بالذكر ان اكثر الناس عداء للصهيونية التي هي الطائفية المدفوعة الى حدودها القصوى كانوا وما زالوا من المتدينين اليهود الفعليين الذين رفضوا الدخول في السياسة الدنيوية. بينما اكثر الناس صهيونية هم الصهيونيون المتدينون الذين ينطوي شعورهم على نبع لا ينضب من العداء للأديان الاخرى ومن الانغلاق على الذات ورفض الاعتراف بالتاميز للآخرين.”

برهان غليون

Explore This Quote Further

Quote by برهان غليون: “هنا نجد اساس المشكلة الطائفية. فالطائفية ليست ال… - Image 1

Similar quotes

“وبقدر ما تعكس فترة ظهور الاديان توسع الحضارة وتقدمها وانطلاقها بانطلاق هذه الاندفاعة المعنوية المجردة والصافية في مثاليتها تعكس الطائفية تدهور الحضارة وتترجم انحطاط الاخلاق واندثار المعنى. فهنا لا يظهر الصراع على المصالح في شكله الاكثر جزئية ومادية ولكنه يحاول اكثر من ذلك ان يستخدم التراث المثالي في سبيل تحقيق اهدافه الخاصة. انه عكس المثالية تماما, اي هو المادية الحقيقية والفعلية التي ليس لها حدود.لذلك نرى الاكثر عنفا في الحرب الطائفية والاكثر حماسا لها هم اولئك الذين ينكرون الدين بشكل عام او لا يمارسونه ولا يعتقدون به فعلا والذين لا يلعب الدين بشكل عام اي دور هام في صياغة سلوكهم الحياتي اليومي. فهؤلاء ليس لديهم اوهام كبيرة ويعرفون ان ما يقومون به هو سياسة محض, وان الدين ورقة يمكن لعبها طالما بقي هناك اناس حساسون لعقيدتهم الدينية وحريصون على الدفاع عنها.”


“وقد تم ولا شك ابعاد الدين عن السلطة لدى تكوين الدول العربية التي تبنت بشكل عام والى حد كبير المبادئ والقوانين الوضعية الا فيما يتعلق بالحقوق الشخصية. لكن بقدر ما عجزت الفكرة القومية عن انشاء ذاتية ووعي جديدين دهريين جماعيين جاء هذا الابعاد بنتيجة معاكسة هي تعميق دور الدين في السياسة ولان عدم المساواة زاد ولم يتراجع, ولان الظلم والاستبداد تعاظم ولم يندثر, ولان الثقافة الحديثة رفعت الى السلطة فئة قليلة وجديدة وابعدت الى الهامش كل الجماعات الاخرى, اخذت السياسة الوضعية ذاتها تستنفر الدين وتعتمد عليه. لم يعد الدين هو السياسة التي تطلب العدل والاعتدال والتسامح والاخوة, ولكن السياسة التي اخذت تتغذى بالنزاع والصراع هي التي بدأت تستخدم الدين وتؤسس للآلية الطائفية.”


“ووحدة التشكيلة الاجتماعية التقليدية الموروثة بقيت عندنا في الواقع هشة نسبيا خاصة عند التماس بمتطلبات المجتمع العصري القائم على علاقة تنكر تدخل الدين في السياسة وتقيم الوحدة القومية على اسس وضعية منافية في جوهرها لوحدة الاعتقاد. بينما كانت الوحدة التقليدية الموروثة مبنية اساسا على الانتماء الجماعي الى مثال اعلى واحد ومشترك هو الذي يحدد وسائل واساليب الكلام والعمل. وعلى الذين لا يتفقون في اعتقادهم مع هذا المثال او لا يوافقون عليه ان يخرجوا من الجماعة او ان يخضعوا لقوانينها, اي لقانون الاغلبية. فالاغلبية هنا ليست عددية سياسية وانما اغلبية دينية ثابتة وغير قابلة للتغيير. بينما الاغلبية السياسية في الانظمة الحديثة ممكنة التغيير طالما انها لا تقوم على ثبات الاعتقاد. اي باختصاد ما كان يمكن للاقلية "الصابئة" ان تصبح اغلبية في الدولة الاسلامية. بينما يمكن للاشتراكية ان تصبح اغلبية سياسية في النظام الليبرالي الحديث.”


“ان ميل الاقليات لدعم دولة علمانية يلتقي مع رغبة النخبة في ابعاد الجمهور عن السياسة والسلطة. وهو لا يتناقض ابدا مع محافظتها على هويتها الدينية او الاقوامية ولكنه يظهر كضامن لهما. بينما تشعر الاغلبية انها فقدت فيه الكثير. هكذا تتهم الاغلبية الاسلامية الاقليات بالتحالف مع الخارج, او مع السلطة العصرية المحلية بهدف خدمة مصالحها الخاصة. ومن المؤكد ان هذه الصورة العامة تحتاج الى التعديل. فمن الجانب غير المسلم كما من الجانب المسلم هناك الكثير من اصحاب التفكير الحر الذين يشعرون انهم تجاوزوا نهائيا هذه الحساسيات وانهم يتفهمون مواقف البعض اواعتراضات الاخرين ويسلكون تجاههم سلوكا يتسم بالالتزام القومي وبالحرص على الوحدة وتجاوز الاختلاف. ومع ذلك فهذا لا يغير شيئا من حقيقة المشكلة. فالأمة لا يكونها القلة من اصحاب التفكير الحر, ولكنها تتكون من الاغلبية التي ما تزال في وعيها حبيسة "الاحكام المسبقة" المتبادلة في هذا الموضوع, اي انها تميل الى ردود الافعال الطائفية التي تعكس تفوق الالتزام بمصالح الجماعة الدينية او الاقوامية على المصالح الطبقية او القومية.”


“لا تكون الجماعة الا بالعصبية اي بشعور التضامن والتلاحم الجماعي تجاه الجماعات الاخرى. وهذا اساس سلوكها على الساحة الدولية كجماعة متميزة ومستقلة ذات ارادة واحدة ومصالح مشتركة. وتكوين الجماعة لا يقوم على زرع روح العصبية ولكنه يقوم على اسس موضوعية سياسية واقتصادية هي التي تولد الشعور بالتضامن والعصبية التي تصبح هي ذاتها درعا نفسيا يصون وحدة الجماعة واستمرارها.”


“ويترافق الانحطاط والانكماش الاجتماعيين بعودة التقسيمات العمودية التي تخلط انماط حياة متميزة ومتفاوتة بشدة بين الجماعات. كل مجتمع يتحول في مرحلة انحطاط نظامه الاجتماعي الى مجتمع عصبوي. ومن صراع العصبويات ينشأ النظام الجديد الذي لا يقوم الا بتحييد التمايزات العمودية وإلغائها. وكسر الحدود الطائفية. لا تقوم الوحدة الاجتماعية اذن على ازالة كل تمايز ونزاع ولكنها تقوم على تحويل التمايز من تمايز قاطع يشق المجتمع الى جماعات كاملة الاختلاف تمنع اي حراك وتجعل الصراع على السلطة صراعا ميكانيكيا عصبويا, الى تمايز قائم على النزاع من اجل نموذج او مثال واحد يحتذى.”