“انها الأيام السعيدة حين يأخذ العشاق فى التأريخ للغرام، حين تبرق كل نظرة وكل نبرة بالدلالة مهما كانت عابرة، حين تسترجع كل لحظة، كل رؤية، وتفض من حولها أغلفة الذاكرة كما تفض أرق الأغطية من حول جوهرة ثمينة لتوضع أمام المحبوب، تقلب على كل ناحية، تفحص، تختبر.”
“لكن المرآة حاجز يحول بينها وبين الكائن الحي خلف الزجاج. لا تستطيع لمس ملامح وجهها: الأنف لا يبرز، والشفتان لا طراوة لهما. وفكرت أن هذه استعارة تصلح لوصف علاقتها به: تراه، وتستشعر تضاريسه، ودفئه ، فإذا بادرت بلمسه لم تجد غير سطح أملس - مثل زجاج شفاف، غير قابل للكسر.أحياناً تشعر أنه وضع هذا الحاجز عمداً فيثور فيها غضب عارم، وأحياناً تراه سجيناً خلف الزجاج، يتطلع إليها لتخلصه.”
“ذكرياته أوضح في مخيلتها من ذكرياتها هي. لم يكن لها حتى ذكريات، لم يكن لها ماض، وفي لحظات الهلع، وراء باب الحمام الموصد، كانت تجزم بأن ماضيه يلتهم حاضرها.”
“محمد عبده مات وقاسم أمين مات وعرابي مات، حتى مصطفى كامل الشاب مات، مات وآلام السرطان تعصر أحشاءه، وماذا جنينا من كل هذا؟ كفاح لا يتقدم إلا قيد أنملة، والعالم من حولنا يهدر كالإعصار.”
“هل من الضروري أن نستشعر السم في كل شئ في العالم؟”
“غدا يولد هلال ضعيف نحيف حتى لا تكاد تتبينه، ويعود يرتفع في السماء، أما الليلة فظلام دامس.”