“وقد انقلبت في التوراة منظومة القيم الإنسانية فصار القتل مباحا ما دام يتم باسم الرب، وصار الزنا بالمحارم جائز الاقتراف أو وارد الوقوع حتى في حق الأنبياء! مثلما نرى في قصة النبي لوط، الذى زنى مع ابنتيه بعدما أسكرتاه،فكان نتاج هذا الزنا أن أنجبت إحداهما جَدَّ قبيلة العمونيين، وأنجبت الأخرى جَدَّ المؤابيين.”
“والصورة التوراتية للآباء الأوائل والأنبياء ورجال الله، مفزعة. فهم فى القصص التوراتى على الرغم من أنهم الأخيار المختارون، لا يتورعون عن الإتيان بأفعال مهولة، من مثل: معصية الخالق «آدم» أو استخدام الزوجة للحصول على المال «إبراهيم» أو السكر والزنا بالمحارم «لوط مع ابنتيه» أو التنكر للجميل «إبراهيم مع أبيمالك» أو السرقة ونهب الجيران والقتل «موسى» أو الإمعان فى إبادة الناس «يوشع بن نون» أو الاستيلاء على النساء بقتل أزواجهن ظلما، بعد الزنا بهن «داود» أو قتل الإخوة للانفراد بالحكم «سليمان».. ناهيك عن تبجح القتلة، وحماية الله لهم، حسبما ورد فى حكاية قايين «قابيل» ولامك، فالأول منهما قتل أخاه «هابيل» وتبجح حين سأله الله عن أخيه المقتول، ثم أعطاه الله وعدا «عهدا» بأن من يقتله سيقتل الله منه سبعة! والآخر الذى اسمه فى التوراة: لامك، قتل رجلا فحماه الله وتوعد من يقتله، بأن يقتل منه سبعين! سبعين إنسانا فى مقابل إنسان يهودى واحد.. وقد رفع اليهود المعاصرون، مؤخرا هذه النسبة غير المتناسبة، فصاروا إذا قتل منهم العرب واحدا، يقتلون منهم مائة شخص أو أكثر.”
“إذا تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ، فسوف تقوم القيامة عن قريب . لا تأكل من حرام مهما عذبك الجوع ، فالموت جوعاََ أهون من عيش الحرام . إذا فعلت الزنا فسوف يفعل في أمك وأختك ، فكما تدين تدان . الموت بشرف ، أفضل لك من العيش مع العار.”
“أذكر أن الناس في بلادك كانوا إذا أرادوا السخرية من شخص, وصفوه بأنه (فالح), وإذا استخدموا وصف (فلاح/فلاحة) فالمراد ازدراء هذا الرجل أو تلك المرأة, مع أن الفعل (فلح) فعل مدح, والممدوحون في القرآن هم: المفلحون!”
“ولعل البدايات كما كان أستاذي القديم سوريانوس يقول ، ما هي إلا محض أوهام نعتقدها . فالبداية والنهاية إنما تكونان فقط في الخط المستقيم . ولا خطوط مستقيمة إلا في أوهامنا ، أو في الوريقات التي نسطر فيها ما نتوهمه . أما في الحياة وفي الكون كله ، فكل شيء دائري يعود إلى ما منه بدأ ، ويتداخل مع ما به اتصل.”
“وكذلك فالناس في بلادك إذا أرادوا الإعلاء من قدر شخص وصفوه بأنه (ابن ناس) أو بأنها (بنت ناس) مع أن هذا التعبير ظهر في الزمن المملوكي للسخرية العامة، السخرية الشعبية غير المعلنة، من هؤلاء الحاكمين الذين لا يعرف لهم أصل، لا أب لهم، فهم: أولاد ناس!”
“شَعر لوهلةٍ بأن للأبقار في الحياة حظوظاً متفاوتة، فقد ذكّرته الأبقار الراضية هنا، الهانئة، بأبقار السودان اليابسة العجاف،الكادحة طيلة النهار لطلب الكلأ الشحيح من الأرض المجدبة. مع أن النيل يجري بقلبها. لا نيل هنا، ولا أنهار، لكن الأبقار لا تشكو الجوع في ربيع أو خريف، لأن حظوظها أفضل...أفضل حتى من بعض الناس في السودان ومصر، ممن لا يحلمون بالأجواء المكيفة، والرعاية التامة، والاهتمام. ابتسم بمرارةٍ حين أدرك أن من البقر ما هو أسعد حالاً من البشر.”