“جاء زمن أبى الحسن الأشعرى مؤسس الاشعرية (الاشاعرة) , وقد كان فى الاصل تلميذًا لأحد كبار رجال المعتزلة وهو "الجبائى" , فسأل الأشعرى شيخه يومًا عن حكم إخوة ثلاثة (فى الاخرة) مات أحدهم مؤمنًا والثانى كافرًا والثالث مات طفلاً صغيرًا . فأجاب "الجبائى" وفقًا للاتجاه العام للمعتزلة ذوى النزعة العقلانية بأن المؤمن فى الجنة , والكافر فى النار , والطفل الى عدم لا هو فى الجنة ولا النار لأنة لم يكتب ثوابًا يدخل به الجنة ولا اقترف ذنوبًا يدخل بها النار !فقال الأشعرى مامعناه : "وماذا لو قال هذا الطفل الأخير لربه , لو تركتنى حيًا فى الاض , لكنت قد اكتسبت ثوابًا أدخل به الجنة " , فقال الجبائى مامعناه : " سيقول له الله , إنة لو كان قد تركه مثلما يشتهى , لكان قد اقترف ذنوبًا استحق معها دخول النار , وقد رحمه الله بموتة صغيرًا " , فرد علية الاشعرى : " ساعتها سيقول الأخ الذى دخل النار لربه . لماذا يارب لم تمتنى صغيرًا وترحمنى من اقتراف الذنوب التى دخلت النار بسببها , مثما فعلت ياربى مع أخى الذى امته طفلاً "ولما لم يجد (الجبائى) إجابة , احتقن , وصاح فى وجه أبى الحسن الأشعرى : "أنت مجنون " !”
“وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة ، وعدد من يدخل النار جملة واحدة ، فلا يزاد في ذلك العدد ولا ينقص منه ، وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه ، وكلٌّ ميسر لما خلق له .”
“أحيانا يداهمنى الشعور أننى لم أعرف أبى بما يكفى، أتساءل فجأة: ما الذى كان يفعله أبى فى هذا الموقف وماذا كان يقول فى ذلك الشأن. حين يفاجئنى هذا الشعور أرتبك.”
“البداية والنهاية , انما تكونان فقط فى الخط المستقيم ولا خطوط مستقيمة الا فى اوهامنا , أو فى الوريقات التى نسطر فيها ما نتوهمه . اما فى الحياة و فى الكون كله , فكل شئ دائرى يعود الى ما منه بدأ , ويتداخل مع ما به اتصل فليس ثمة بداية ولا نهاية على الحقيقة , وما ثم الا التوالى الذى لا ينقطع , فلا ينقطع فى الكون الاتصال , ولا ينفصم التداخل . .......الامر الواحد يتوالى اتصاله فتتسع دائرته لتتداخل مع الامر الاخر وتتفرع عنهما دائرة جديدة تتداخل بدورها مع بقية الدوائر وتمتلئ الحياة بان تكتمل دائرتها فتفرغ عند انتهائنا بالموت , لنعود الى ما منه ابتدئنا .......”
“اتعرف ما معنى الكلمة؟مفتاح الجنة في كلمةدخول النار في كلمةو قضاء الله هو الكلمةالكلمة لو تعرف حرمةزاد مذخورالكلمة نورو بعض الكلمات قبور”
“هل تعلمين أن كثيراً من الحضارات الأولى ، المجيدة ، التى عبد أهلُها الربة وقدَّسوا الأفعى ، لم تكن لها جيوش نظامية .. عاشت تلك الحضارات زمناً طويلاً فى سلام ، وأعطت للإنسانية فى الزمن الأنثوى الأول ، كل بذور الحضارة : الزراعة ، الثقافة ، الاستقرار، الحنين إلى الوطن ، الضمير ، الديانة .. السلام ! لم يعتادوا أن يعتدوا على جيرانهم ، لم يجد الآثاريون أثراً لصناعة حربية بين حفرياتهم ، مثلما وجدوا فى المجتمعات الذكورية اللاحقة .. ثم انتهت الأزمنة الأنثوية ، السلمية ، البديعة ، بالإزاحة التدريجية للأنثى ، والانتقال بالمجتمعات إلى السلطة الذكورية الجوفاء ، على النحو الذى حكيته لكِ فى رسالتى السابقة عن تطور روح الحضارات فى سومر وبابل وآشور ، وعن روعة انبثاق الحضارة المصرية القديمة ذات الطابع الأنثوى الأصيل ، الإيزيسى”
“ها هنا نقطة دقيقة قلما انتبه إليها الدارسون والمؤرخون، بل لم أجد واحداً قد نبه إليها، على الرغم من أهميتها. وهى ارتباط الاتجاهات المسماة هرطوقية، بالعمل العلمى! وقد لفت نظرى إلى ذلك الارتباط، عبارةٌ عابرة ساقها يوسابيوس القيصرى، فى معرض كلامه عن أهل البدع والهرطقة، قال: ولأنهم من الأرض؛ ومن الأرض يتكلمون؛ ولأنهم يجهلون الآتى من فوق، فقد تركوا كتابات الله المقدسة، ليتفرغوا لعلم الهندسة(مقاييس الأرض) فبعضهم أجهد نفسه ليقيس أُقليدس(كتاب الجغرافيا) والبعض أُعجب بأرسطو الفيلسوف وتلميذه ثيوفراستوس، بل لعل البعض قد عبد جالينوس (الطبيب) فإن كان الذين يستعينون بفنون غير المؤمنين فى آرائهم الهرطوقية، وفى تحريف بساطة الإيمان بالأسفار الإلهية، قد ابتعدوا عن الإيمان، فماذا يلزمنا أن نقول؟ وقد وضعوا أيديهم بجرأةٍ على الأسفار الإلهية، زاعمين بأنهم قد صحَّحوها. (يوسابيوس: تاريخ الكنيسة، ص 242)”