“كانت الدنيا مظلمة والأحقاد كثيرة.. ولكن لا شيء كان يمنع من أن يُصغي إلى ذلك الصوت الآتي من بعيد، صوت القلب الذي تنحني أمامه الحروب والموت والمظالم”
“لا أعلم إلى أين يُمكن أن يسير الأمر ، و لم يشغلني ذلك . من علامات القلب المُنهَك ألا يهتم بسير الأشياء . لا طاقة فيه ليدير دفة شيء ، و لا حتى ليسأل نفسه أسئله سألها قبل ذلك ، و كانت هى سبب إنهاكه .”
“حين يكون الصوت الإنساني حقيقياً ، حين يولد من الحاجة إلى الكلام لا أحد يستطيع أن يوقفة ، حين يمنع عنه الفم ، يتحدث بالأيدي و الأعين بالمسام أو بأي شيء آخر ، لأن كل واحد منا لديه شيء يقوله للآخرين ، شيء يستحق أن يحتفي به الآخرون أو يصفحوا عنه.”
“يُفكِّر أن عليه الانطلاق منشيء يعرفه إلى شيء لايعرفه، لكنه يلاحظ أن انطلاقاتهالعديدة التي هي بعدد رملشاطئ صغير، كانت تتوقَّف بعد...البداية بقليل، وبهذا كان يقف غريباً،قريباً من شيء يعرفه، بعيداً عنشيء لا يعرفه، ومع تكرار المُحَاوَلات،أدرك أن الوصول إلى شيء لا يعرفهمن شيء يعرفه، يساوي غربة المسافة،وليس الانتقال من شيء يعرفهإلى شيء لا يعرفه”
“لماذا البحر الطويل ، والبسيط ، والوافر ، والكامل ، والرجز .. إذا كان بحر النفط هو سيد البحار ؟ ..لماذا الفصاحة ، والبلاغة ، والبديع ، والبيان ، إذا كانت المصفاة التي تكرر النفط .. أهم من القلب الذي يكرر الدم .. ثم ماذا يفعل شاعر مثلي رأسماله الكلمة .. إذا كان الكلام ذاته محجوزاً عليه ، وموضوعاً تحت الحراسة .. اللغة العربية في طريقها إلى الانقراض .. لأنها لا تــُستعمل ..والشفاه العربية في طريقها إلى الضمور .. لأنها لا تهتز .. والأصابع العربية في طريقها إلى الزوال .. لأنها لا تتحرك ..وما دام الكلام ممنوعاً من الكلام ..وما دام الصوت ممنوعاً من أن يكون له صوت ..وما دامت الدمعة لا تجد قناة تصب فيها .. فإننا سائرون حتماً إلى عصر انحطاطنا الثاني .. فعصور الانحطاط لا تجئ إلا عندما تـُمنع أمة من استعمال شفاهها ..”
“سأكتبُ هذه الكلمات المرتعشة ، وسأبسط رعدة قلبي في ألفاظها ومعانيها ، أكتب عن (..) ذلك الاسم الذي كان سنة كاملة من عمر هذا القلب ، على حين أن السعادة قد تكون لحظات من هذا العمر الذي لا يعدّ بالسنين ولكن بالعواطف ، فلا يسعني لا أن أرد خواطري إلى القلب لتنصبغَ في الدم قبل أن تنصبغ في الحبر ثم تخرج إلى الدنيا من هناك بل ما يخفق وما يزفر وما يئنّ . " من هناك" ! آه . من ترى في الناس يعرف معنى هذه الكلمة ويتسع فكرهُ لهذا الظرف المكاني الذي أشير إليه ؟ إنّ العقل ليمد أكنافه على السموات فيسعها خيالا كما ترى بعينيك في ماء الغدير شبكة السماء كلها محبوكة من خيوط الضوء ، مفصّلة بعقد النجوم . ولكن هناك ؛ في القلب ؛ عند ملتقى سر الحياة وسر محييها ؛ في القلب ؛ عند النقطة التي يتقطع فيها الطرف بينكَ وبين من تحب ، حين تريد الجميلة أن تقول لك أول مرة أحبك ؛ ولا تقولها . هناك ؛ في القلب ؛ وعند موضع الهوى الذي ينشعب فيه خيط من نظرك وخيط من نظرها فيلتبسان فتكوّن منهما عقدة من أصعب وأشد عقد الحياة . هناك ؟ هذا معنى "هناك " .”