“يشيع في العالم المتخلف الاجترار السوداوي للمأساة ,الوجودية هذا الاجترار يجمد الزمن من خلال اجتياف مرارة الحياة وبالتالي يُسيطر على هذه المأساة من هنا نفهم طغيان الطابع الحزين على الحالة المزاجية للإنسان المقهور طابع الحزن يعمم على كل شيء تقريباً ويبدو صوره في الأغاني الشعبية التي تكاد تدخل جميعاً في إطار المراثي , ومن اللافت للنظر أن نلاحظ ندرة الأغاني ذات الطابع الفرح المتفائل والدينامي في الموقف من الحياة إن الأغنية الحزينة مرآة يرى فيها إنسان مجتمعات القهر ذاته ويعيش من خلالها إحباطاته بالإضافة إلى الأغاني هناك القصص الشعبية والملاحم الشعبية التي تغني في المناسبات وهناك الأفلام وما يطغى عليها من حزن كلها مرآة تعكس اجترار الآلام التي لا خلاص منها والتي يغرق فيها ذلك الإنسان”
“نفهم طغيان الطابع الحزين على الحالة المزاجية للإنسان المقهور ، طابع الحزن يعمم على كل شيء تقريباً ويبدو بصورة أوضح في الأغاني الشعبية التي تكاد تدخل جميعاً في إطار المراثي .ومن اللافت للنظر أن نلاحظ ندرة الأغاني ذات الطابع الفرح المُتفائل والدينامي في الموقف من الحياة !”
“الوجود المتخلف معاش وجدانياً أكثر مما هو مصوغ ومنظم عقلياً . فبينما نرى طغيان العقلانية والحياد الانفعالي على أسلوب مجابهة الواقع والتصدي لمشكلاته في البلاد الصناعية ، نلاحظ أن إنسان العالم المتخلف يرزح تحت عبء انفعالاته التي تفيض على العالم ، ملونة إياه بصبغة ذاتية واضحة . العالم وقضاياه تعاش من خلال الذات ، من خلال قوالب التفكير المنطقي ، ولذلك فإن درجة الموضوعية تنحسر في معظم الأحيان كي تتلاشى كلياً في حالات خاصة ، وبالتحديد في أوقات الشدة .وبينما تتطلب وضعيات الحياة الصعبة مزيداً من الموضوعية والعقلانية كي يمكن مجابهتها بدرجة معقولة من الفعالية ، نجد الإنسان المتخلف يغرق في تلك اللحظات بالذات في تيار جارف من الانفعالات ، يجعله يفقد السيطرة على الواقع ، ويدفع به إلى الارتماء في التفكير الخرافي والسحري والغيبي ، كوسيلة وحيدة متبقية للخلاص من المأزق .”
“كما أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي له تاريخ وبالتالي وعي وحضارة, فأن ضريبة كل ذلك أن الإنسان هو أيضاً الكائن الوحيد القادر على إعطاء التاريخ صورة مخالفة للصورة التي انوجد عليها التاريخ في واقع الحال, وذلك مثل إعطاء أحداث معيّنة أو أشخاص معينين صورة فيها الكثير من الاختزال والتضخيم, وذلك حسب الغرض المراد, وبهدف التركيز على نقطة هنا أو التقليل من شأن نقطة هناك, أو بث عاطفة في حادثة هنا وقتل الحياة في حادثة هناك ..”
“(وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة , ولا تنس نصيبك من الدنيا). . وفي هذا يتمثل اعتدال المنهج الإلهي القويم . المنهج الذي يعلق قلب واجد المال بالآخرة . ولا يحرمه أن يأخذ بقسط من المتاع في هذه الحياة . بل يحضه على هذا ويكلفه إياه تكليفا , كي لا يتزهد الزهد الذي يهمل الحياة ويضعفها . لقد خلق الله طيبات الحياة ليستمتع بها الناس ; وليعملوا في الأرض لتوفيرها وتحصيلها , فتنمو الحياة وتتجدد , وتتحقق خلافة الإنسان في هذه الأرض . ذلك على أن تكون وجهتهم في هذا المتاع هي الآخرة , فلا ينحرفون عن طريقها , ولا يشغلون بالمتاع عن تكاليفها . والمتاع في هذه الحالة لون من ألوان الشكر للمنعم , وتقبل لعطاياه , وانتفاع بها . فهو طاعة من الطاعات يجزي عليها الله بالحسنى . وهكذا يحقق هذا المنهج التعادل والتناسق في حياة الإنسان , ويمكنه من الارتقاء الروحي الدائم من خلال حياته الطبيعية المتعادلة , التي لا حرمان فيها , ولا إهدار لمقومات الحياة الفطرية البسيطة .”
“الواقع أن الاحتماء بالأولياء والتعلق بالأبطال والاتكال على الزعيم المنقذ تتلاقى مع الميل إلى الإفراط في توكيد الذكورة فالبطل والزعيم هما دوماً المثال الكامل للرجولة جنسياً وعضلياً وشجاعة والتعلق المفرط بهما في قيمة رجولتها بشكل خرافي كما يشيع في السر الشعبية, والنظر إلى الزعيم هي من النوع التعويضي المحض من خلال التماهي بالبطل والزعيم بعوض الإنسان المقهور بعض نقصه ويعالج خصاءه ويخفف من قلقه”