“طب يا حراء فلليتيم حكايةنسجت ومنك بداية المشوارأوما تراه يجيء نحوك عابدا متبتلا للواحد القهارأوما ترى في الليل فيض دموعهأوما ترى نجواه بالأسحارأسمعت شيئا يا حراء عن الفتى أقرأت عنه دفاتر الأخيارطب يا حراء فأنت أول بقعة في الأرض سوف تفيض بالأسرارطب يا حراء فأنت شاطيء مركب ما زال يرسم لوحة الإبحارماجت بحار الكفر حين جرى على أمواجها الرعناء في إصراروتساءل الكفار حين بدت لهم في ظلمة الأهواء شمعة ساريمن ذلك الآتي يمد لليلنا قبسا سيكشف عن خبايا الدارمن ذلك الآتي يزلزل ملكنا ويرى عبيد القوم كالأحرارما باله يتلو كلاما ساحرا يغري ويلقي خطبة استنفارما باله يقسوا على أصنامنا باللوم بالتسفيه بالإنكارهذا محمد يا قريش كأنكم لم تعرفوه بعفة ووقارهذا الأمين أتجهلون نقاءه وصفاءه ووفاءه للجارهذا الصدوق تطهرت أعماقه فأتى ليرفعكم عن الأقذارطب يا حراء فأنت أول ساحة ستلين فيها قسوة الأحجارسترى توهج لحظة الوحي الذي سيفيض بالتبشير والإنذاراقرأ ، ألم تسمع أمين الوحي إذانادى الرسول فقال لست بقارياقرأ فديتك يا محمد عندما واجهت هذا الأمر باستفساروفديت صوتك عندما رددتها آيا من القرآن باسم الباريوفديت صوتك خائفا متهدجا تدعو خديجة أسرعي بدثاريوفديت صوتك ناطقا بالحق لم يمنعك ما لاقيت من إنكاروفديت زهدك في مباهج عيشهم وخلو قلبك من هوى الديناريا سيد الأبرار حبك دوحة في خاطري صداحة الأطياروالشوق ، ما هذا بشوق إنه في قلبي الولهان جذوة نارحاولت إعطاء المشاعر صورة فتهيبت من وصفها أشعاريماذا يقول الشعر عن بدر الدجي لما يضيء مجالس السماريا سيد الأبرار ، أمتك التي حررتها من قبضة الأشراروغسلت من درن الرذيلة ثوبهاوصرفت عنها قسوة الإعصارورفعت بالقرآن قدر رجالها وسقيتها بالحب والإيثاريا سيد الأبرار ، أمتك ألتوت في عصرنا ومضت مع التيارشربت كؤوس الذل حين تعلقت بثقافة مسمومة الأفكارإني أراها وهي تسحب ثوبها مخدوعة في قبضة السمسارإني أراها تستطيب خضوعها وتلين للرهبان والأحبارإني أرى فيها ملامح خطة للمعتدين غريبة الأطوارإني أرى بدع الموالد أصبحتداء يهدد منهج الأخياروأرى القباب على القبور تطاولت تغري العيون بفنها المعماريتبركون بها تبرك جاهل أعمى البصيرة فاقد الإبصارفرق مضللة تجسد حبها للمصـ ـطفي بالشطح والمزمارأنا لست أعرف كيف يجمع عاقل بين امتداح نبينا والطاركبرت دوائر حزننا وتعاظمت في عالم أضحى بغير قرارإني أقول لمن يخادع نفسه ويعيش تحت سنابك الأوزارسل أيها المخدوع طيبة عندمابلغت مداها ناقة المختارسل”
“أو لست أنت أيضاً غريبة عن هذا العالم ؟ ألست بالحقيقة غريبة عن محيطك وعن كل ما في محيطك من الأغراض والمنازع والمآتي والمرامي ؟ أخبريني , أخبريني يا مي هل في هذا العالم كثيرون يفهمون لغة نفسك ؟ كم مرة يا ترى لقيتِ من يسمعك وأنت ساكتة ويفهمك وأنت ساكتة ويطوف معك في قدس أقداس الحياة وأنت جالسة قبالته في منزل بين المنازل ؟”
“يا أيها الإنسان في الريف البعيديا من يصم السمع عن كلماتناأدعوك أن تمشي على كلماتنا بالعين, لو صادفتهاكيلا تموت على الورقأسقط عليها قطرتين من العرقكيلا تموتفالصوت إذا لم يلق أذناً , ضاع في صمت الأفققصيدة لمن تغنى؟؟ -”
“النوم عصيوالليل تطول مسافتهوالصمت رفيق يا سيد قلبي يتمنى قلبي في هدأة هذا الليل لو يعبر حلمك بعض الوقت لو يدخل في طيات الحلم ويسرب طيفا في عينيك يتسلل من تحت الاجفان ليلامس جبهتك السمراءويرشف دفء يديك”
“سمعت مرة الحوار الآتي ما بين زنجي صغير و امه:الصغير: لماذا نحن سود يا أمي؟الأم: لأننا في حداد يا بنيّ.الصغير: و على من نحن في حداد يا أماه؟الأم: على إخوانك البيض يا بنيّ.الصغير: و متى ننزع الحداد يا أماه؟الأم: يوم تسود وجوههم خجلاً منا و تبيض وجوهنا عطفاً عليهم.”
“و عاد في كفن يحكون في بلادنا يحكون في شجن عن صاحبي الذي مضى و عاد في كفن * كان اسمه.. . لا تذكروا اسمه! خلوه في قلوبنا... لا تدعوا الكلمة تضيع في الهواء، كالرماد... خلوه جرحا راعفا... لا يعرف الضماد طريقه إليه. .. أخاف يا أحبتي... أخاف يا أيتام ... أخاف أن ننساه بين زحمة الأسماء أخاف أن يذوب في زوابع الشتاء! أخاف أن تنام في قلوبنا جراح نا ... أخاف أن تنام !! -2- العمر... عمر برعم لا يذكر المطر... لم يبك تحت شرفة القمر لم يوقف الساعات بالسهر... و ما تداعت عند حائط يداه ... و لم تسافر خلف خيط شهوة ...عيناه! و لم يقبل حلوة... لم يعرف الغزل غير أغاني مطرب ضيعه الأمل و لم يقل : لحلوة الله ! إلا مرتين لت تلتفت إليه ... ما أعطته إلا طرف عين كان الفتى صغيرا ... فغاب عن طريقها و لم يفكر بالهوى كثيرا ...! -3- يحكون في بلادنا يحكون في شجن عن صاحبي الذي مضى و عاد في كفن ما قال حين زغردت خطاه خلف الباب لأمه : الوداع ! ما قال للأحباب... للأصحاب : موعدنا غدا ! و لم يضع رسالة ...كعادة المسافرين تقول إني عائد... و تسكت الظنون و لم يخط كلمة... تضيء ليل أمه التي... تخاطب السماء و الأشياء ، تقول : يا وسادة السرير! يا حقيبة الثياب! يا ليل ! يا نجوم ! يا إله! يا سحاب ! : أما رأيتم شاردا... عيناه نجمتان ؟ يداه سلتان من ريحان و صدره و سادة النجوم و القمر و شعره أرجوحة للريح و الزهر ! أما رأيتم شاردا مسافرا لا يحسن السفر! راح بلا زوادة ، من يطعم الفتى إن جاع في طريقه ؟ من يرحم الغريب ؟ قلبي عليه من غوائل الدروب ! قلبي عليك يا فتى... يا ولداه! قولوا لها ، يا ليل ! يا نجوم ! يا دروب ! يا سحاب ! قولوا لها : لن تحملي الجواب فالجرح فوق الدمع ...فوق الحزن و العذاب !لن تحملي... لن تصبري كثيرا لأنه ... لأنه مات ، و لم يزل صغيرا ! -4- يا أمه! لا تقلعي الدموع من جذورها ! للدمع يا والدتي جذور ، تخاطب المساء كل يوم... تقول : يا قافلة المساء ! من أين تعبرين ؟ غضت دروب الموت... حين سدها المسافرون سدت دروب الحزن... لو وقفت لحظتين لحظتين ! لتمسحي الجبين و العينين و تحملي من دمعنا تذكار لمن قضوا من قبلنا ... أحبابنا المهاجرين يا أمه ! لا تقلعي الدموع من جذورها خلي ببئر القلب دمعتين ! فقد يموت في غد أبوه... أو أخوه أو صديقه أنا خلي لنا ... للميتين في غد لو دمعتين... دمعتين ! -5- يحكون في بلادنا عن صاحبي الكثيرا حرائق الرصاص في وجناته وصدره... ووجهه... لا تشرحوا الأمور! ”