“ان التطرف جزء جوهرى فى نسيج الخطاب الدينى المعاصر،قد تكون هناك بعض الاستثناءاتفى هذا الخطاب،وهو امر لاتشكك فيه،لكنها الاستثناءات التى تتوارى الان فى الظل والهامش تاركة دائرة الضوء والحضور والمتن للتطرف ليعيث فسادا فى ارض هذا الوطن.”
“ان التكفير سمة اساسية من سمات الخطاب الدينى المعاصر،وهى سمة لاتفارق بنية هذا الخطاب،سواء وصفناه بالاعتدال ام وصفناه بالتطرف”
“ان الخلاف بين الاعتدال والتطرف فى بنية الخطاب الدينى ليس خلافا فى النوع،بل هو خلاف فى الدرجة،فكلا من الخطابين يعتمد التكفير وسيلة لنفى الخصم قكريا عند المعتدلين،ولتصفيته جسديا عند المتطرفين”
“القاعدة الثانية أن كل الخطابات تتساوى من حيث هى خطابات , وليس من حق واحد منها أن يزعم امتلاكه للحقيقة , لأنه حين يفعل ذلك يحكم على نفسه بأنه خطاب " زائف " .قد يتمتع خطاب ما فى سياق سياسى اجتماعى تاريخى بعينه بالذيوع و الانتشار , الذى يؤدى إلى سيطرته و هيمنته على الخطابات الأخرى فيقوم بتهميشها و إلقائها خارج دائرة الضوء و بؤرة الاهتمام . لكن تاريخ الثقافة فى كل المجتمعات الإنسانية يعلمنا أن هذه السيطرة و الهيمنة لخطاب بعينه كانت تتم من خلال عوامل القهر السياسى و الإذعان الاجتماعى و تزييف الوعى فى أحسن الأحوال .لذلك يبرأ منهج تحليل الخطاب هنا - قدر الإمكان - من الاستسلام لأوهام اليافطات المستقرة - تراثياً و إعلامياً - لوصف بعض الخطابات وصفاً يستهدف وضعها فى قلب " الدين " ذاته .هذا بالإضافة إلى أن " الدين " ذاته ليس إلا مجموعة من النصوص التى تتحدد دلالتها - بدورها - بالسياق , و ذلك بوصفها " خطاباً " .. و كون الخطاب إلهياً - من حيث المصدر - لا يعنى عدم قابليته للتحليل بما هو خطاب إلهى تجسّد فى اللغة الإنسانية بكل إشكاليات سياقها الاجتماعى و الثقافى و التاريخى”
“يوحد الخطاب الديني المعاصر بين النصوص الدينية وبين قراءته وفهمه له. وبهذا التوحيد لا يقوم الخطاب الديني بالغاء المسافة المعرفية بين الذات والموضوع فقط, بل يتجاوز ذلك الي ادعاء ضمني بقدرته علي تجاوز كل الشروط والعوائق الوجودية والمعرفية والوصول الي القصد الالهي الكامن في هذه النصوص. وفي هذا الادعاء الخطير لا يدرك الخطاب الديني أنه يدخل منطقة شائكة هي منطقة "الحديث باسم الله" ومن العجيب أن الخطاب المعاصر يعيب هذا المسلك ويندد به في حديثه عن موقف الكنيسة من العلم والعلماء في القروو الوسطي”
“ثمة قاعدتان أساسيتان يحسن الإشارة إليهما في منهج تحليل الخطاب، ولذلك لأهميتهما في تحديد طبيعة " الإجراءات " التحليلية المستخدمة في هذا الكتاب .القاعدة الأولى أن الخطابات المنتجة في سياق ثقافي حضاري تاريخي ليست خطابات " مغلقة " أو مستقلة عن بعضها البعض . إن آليات " الاستبعاد" و " الإقصاء " التي يمارسها خطاب ما ضد خطاب آخر تعني " حضور " هذا الخطاب الآخر - بدرجات بنيوية متفاوتة - في بنية الخطاب الأول .هذا مع افتراض غيابه التام العمومى على مستوى " المنطوق " و " المفهوم "، لأنه هذا الغياب ليس إلّا عملية " تغييب " لتحقيق " الإقصاء ". فإذا أضفنا إلى ذلك أن تلك الخطابات تشترك إلى حد كبير في " الإشكاليات "، التي تحدد منطوقها و مفهومها و بنيتها، أدركنا أن الحديث عن خطاب مستقل ليس إلّا نوعاً من التبسيط الذي يفضى إلى تزييف الخطاب موضوع الدراسة”
“إن الخطاب الديني لا يعمد إلى إخفاء الأسئلة لأنه يجهلها، بل لأن إثارتها تتناقض ومصالح القوى التى يعبر عنها ويساندها.”