“لا تدع الوقت ينزلق من بين أصابعك، اشعر به، لا تضيعه، ارتد ساعة (أو عالأقل ضعها في جيبك). و لا تخف منها: إن عقارب الساعة لا تلدغ، و الذي يلدغ حقاً -لدغة سامة و حتى الموت- هو أن تضيع الساعة، تلو الساعة، تلو الساعة، و من ثم يضيع العمر كله.اجعل من إرادتك أرضاً صلبة تمشي فوقها بثبات، و لا تستسلم للرمال المتحركة التي تحاول أن تجرك الرتابة إليها..باختصار: لك شيء، بل أشياء، في هذه الحياة، فقم.”
“اسألها:- أيكون مات لا قدّر الله ؟تردّ بإحراج:- لا.. رقمه يدقّ!- ربما أصيب من غير شرّ بالعمى ؟تجيب باستحياء:- لا هو دائم التواجد على الإنترنت.- و منذ متى لم يستيقظ من سباته الشتويّ و يهاتفك ؟تمتمت:- آخر مرّة كلّمني كانت في 6 حزيران عند الساعة الرابعة عصرًا...- أوتعتقدين أنّه يحفظ اليوم و الساعة التي كلّمك فيها لآخر مرة منذ سبعة أشهر ؟ترتبك:- لا أدري..”
“فأما الساعة فهي الموعد المرتقب للجزاء الكامل العادل، الذي تتوجه إليه النفوس فتحسب حسابه؛ و تسير في الطريق و هي تراقب و تحاسب و تخشى الانزلاق.. و الله سبحانه يؤكد مجيئها: (إن الساعة آتية) و أنه يكاد يخفيها. فعلم الناس بها قليل لا يتجاوز ما يطلعهم عليه من أمرها بقدر ما يحقق حكمته من معرفتهم و من جهلهم.. و المجهول عنصر أساسي في حياة البشر و في تكوينهم النفسي. فلا بد من مجهول في حياتهم يتطلعون إليه. و لو كان كل شيء مكشوفا لهم - و هم بهذه الفطرة - لوقف نشاطهم و أسنت حياتهم. فوراء المجهول يجرون. فيحذرون و يأملون، و يجربون و يتعلمون. و يكشفون المخبوء من طاقاتهم و طاقات الكون من حولهم؛ و يرون آيات الله في أنفسهم و في الآفاق؛ و يبدعون في الأرض بما شاء لهم الله أن يبدعوا.. و تعليق قلوبهم و مشاعرهم بالساعة المجهولة الموعد، يحفظهم من الشرود، فهم لا يدرون متى تأتي الساعة، فهم من موعدها على حذر دائم و على استعداد دائم. ”
“هذا هو قانون العمل و الجزاء.. لا جحود و لا كفران للعمل الصالح متى قام على قاعدة الإيمان.. و هو مكتوب عند الله لا يضيع منه شيء و لا يغيب.و لا بد من الإيمان لتكون للعمل الصالح قيمته، بل ليثبت للعمل الصالح وجوده. و لا بد من العمل الصالح لتكون للإيمان ثمرته، بل لتثبت للإيمان حقيقته.إن الإيمان هو قاعدة الحياة، لأنه الصلة الحقيقية بين الإنسان و هذا الوجود، و الرابطة التي تشد الوجود بما فيه و من فيه إلى خالقه الواحد، و ترده إلى الناموس الواحد الذي ارتضاه، و لا بد من القاعدة ليقوم البناء. و العمل الصالح هو هذا البناء. فهو منهار من أساسه ما لم يقم على قاعدته.و العمل الصالح هو ثمرة الإيمان التي تثبت وجوده و حيويته في الضمير. و الإسلام بالذات عقيدة متحركة متى تم وجودها في الضمير تحولت إلى عمل صالح هو الصورة الظاهرة للإيمان المضمر.. و الثمرة اليانعة للجذور الممتدة في الأعماق.و من ثم يقرن القرآن دائماً بين الإيمان و العمل الصالح كلما ذكر العمل و الجزاء. فلا جزاء على إيمان عاطل خامد لا يعمل و لا يثمر. و لا على عمل منقطع لا يقوم على الإيمان.”
“يومان ما قبل عامي الجديد . . أتممت سلسلة تصحيح الأخطاء التي ارتكبتها في حق الآخرين بعضهم غفر ، و البعض الآخر رحلت مراكبهم بلا عودة . . إلى حيث اللا مكان .. !أن مايو لا يبدو أفضل من إبريل .. بكثير لم يترك على بابي زهرة وردية ولا حتى ذكرى جميلة . . يبدو بعض الرحيل لا يغتفر ..! بعض الصمت موجع .. بعض السهر مقلق .. بعض الصبر قاتل ..! في هذه الساعة المتأخرة من الذكرى و بعد أن ختمت الحلقة الأخيرة من السلسلة .. و على عتبات كتاب و اختبار يرفضني و أرفضه و ليل لا يساعد أبدا على المذاكرة أظنني قد احتضن الوسادة و أبكي ..!”
“الصمت أرهب من الكلام و أصدق، و لكن ستأتينا ساعة نصمت فيها، فلماذا نصمت قبل أن تدق الساعة؟ .. سنصمت، و لكن لنتكلم الآن”