“والخير والشر مقدران على العباد .والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا يجوز أن يوصف المخلوق به ، فهي مع الفعل ، وأما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع والتمكن وسلامة الآلات فهي قبل الفعل ، وبها يتعلق الخطاب ، وهو كما قال تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) .وأفعال العباد خلق الله ، وكسب من العباد .”
“إن الداعية إلى الله يجب أن يكون قدوة صالحة بصيرا بزمانه شجاعا في الحق لا يماري و لا يواري، صبور على تحمل الشدائد متفانيا في قضاء حوائج العباد واسع الصدر كريم الخلق ، لا يمل و لا يضيق صدرا بمشاكل العباد و عليه أن يعتقد أن الله تعالى لا يضيع له اجرا، فهو من عباد الله الذين أختصهم لقضاء حوائج الناس”
“فاعلم أن اللطف الذي يطلبه العباد من الله بلسان المقال ولسان الحال هو من الرحمة، بل هو رحمة خاصة؛ فالرحمة التي تصل العبد من حيث لا يشعر بها أو لا يشعر بأسبابها هي اللطف”
“من سوء فهم الدين أن يقيم بعضهم الدنيا ويقعدها من أجل معصية اعتبرها المشرع صغيرة, ثم هم يسكتون عن منكرات اعتبرها المشرع كبائر, وهي تهدم كيان المجتمع من أساسه, وأن يشدِّدوا النكير على من فرَّط في حقٍ من حقوق الله مع أن الله يغفره, ويهملون النكير على من تعدَّى على حقوق العباد, مع أن الله لا يغفر الذنب فيها إلا برد الحقوق إلى أصحابها.”
“لا أدري لماذا لا يطير العباد إلى ربِّهم على أجنحةٍ من الشوق بدل أن يُساقوا إليه بسياط من الرهبة ؟! إنَّ الجهل بالله وبدينه هو عِلَّةُ هذا الشعور البارد ، أو هذا الشعور النافر - بالتعبير الصحيح - ؛ مع أنَّ البشر لن يجدوا أبرَّ بهم ولا أحنَى عليهم من الله عز وجل”
“فساعة ما تقبل على أي عمل تقول: بسم الله، يعني: أنا لا أقبل بقدرتي، ولا بعلمي، ولا بشيء من عندي، وأنما أقبل على العمل باسم الله الذي سخره لي، وجعل أنفعاله لي من فضل تسخيره، فتصبح أنت لا تقبل على شيء بأسبابك، لا تقبل على شيء بعناصر الفعل منك، بل تقبل على الشيء بعناصر الخالق الذي سخر لك العناصر، وجعلها تستجيب وتنفعل لك، فإذا ما نجحت في الفعل فإياك أن تعزو ذلك إلى نفسك، أو مهاراتك، أو حسن تأتِّيك للأشياء، بل قل: الحمد لله.. فإذا ما أثمر العمل فقل: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله.. حينئذ يلتصق المؤمن بربه بادئاً ومنتهياً.”