“فأما من يتوفى فهو صائر إلى نهاية كل حي. و أما من يرد إلى أرذل العمر فهو صفحة مفتوحة للتدبر ما تزال. فبعد العلم، و بعد الرشد، و بعد الوعي، و بعد الاكتمال.. إذا هو يرتد طفلاً. طفلاً في عواطفه و انفعالاته. طفلاً في وعيه و معلوماته. طفلاً في تقديره و تدبيره. طفلاً أقل شيء يرضيه و أقل شيء يبكيه. طفلاً في حافظته فلا تمسك شيئاً، و في ذاكرته فلا تستحضر شيئاً. طفلاً في أخذه الأحداث و التجارب فرادى لا يربط بينها رابط و لا تؤدي في حسه و وعيه إلى نتيجة، لأنه ينسى أولها قبل أن يأتي على آخرها: (لكي لا يعلم من بعد علم شيئاً) و لكي يفلت من عقله و وعيه ذلك العلم الذي ربما تخايل به و تطاول، و جادل في الله و صفاته بالباطل!”