“إن النزعة التشاؤمية فيما يتعلق بالإنسان تؤدي إلى تكريس الوضع القائم. فهي نوع من الترف بالنسبة للغني، وهي العزاء لمن يشعرون بالذنب من المتقاعسين عن المشاركة الفعالة في النشاط السياسي، وهي الراحة بالنسبة لهؤلاء الذين يواصلون الاستمتاع بأساليب الامتياز المادي. وتكلف هذه النزعة المحرومين من أي حقوق الكثير، فهم يستسلمون لها على حساب خلاصهم.. إن على الرجال والنساء أن يؤمنوا بأن في مقدور الإنسانية أن تصبح إنسانية تماما حتى يتسنى بالفعل للجنس البشري أن يحقق إنسانيته، أو بعبارة أخرى إن النظرة التفاؤلية التي لا إفراط فيها لقدرات الإنسان الكامنةالمبنية على الاعتراف بإنجازاته، والإدراك الواعي في الوقت ذاته لنواحي ضعفه، هي شرط لا غنى عنه من أجل فعل اجتماعي يحول ما هو ممكن إلى واقع فعلي.”
“إن من يتعامل مع الأدب عليه أن يتعامل مع الظاهرة الإنسانية في كل تركيبيتها وعمقها، فيدرك أن الإنسان كائن قادر على تجاوز السطح المادي وقادر على التمرد على الظلم، فالإنسان القادر على تجاوز السطح المادي هو الإنسان الإنسان، شيء رائع فريد وخاص، وحينما يتحدث المرء عن الفريد والخاص فهو في واقع الأمر لا يتحدث عن التطور وإنما عن الخلق”
“من سوء فهم الدين أن يقيم بعضهم الدنيا ويقعدها من أجل معصية اعتبرها المشرع صغيرة, ثم هم يسكتون عن منكرات اعتبرها المشرع كبائر, وهي تهدم كيان المجتمع من أساسه, وأن يشدِّدوا النكير على من فرَّط في حقٍ من حقوق الله مع أن الله يغفره, ويهملون النكير على من تعدَّى على حقوق العباد, مع أن الله لا يغفر الذنب فيها إلا برد الحقوق إلى أصحابها.”
“وعليه فإنني أعلن بجرأة أن كل هذه النظم البديعة وكل هذهالنظريات التي تشرح للجنس البشري مصالحه الطبيعية الحقيقية، لكي يقوم البشر بما لا محيص عنه من اقتفاءلهذه المصالح لكي يصبحوا طيبين شرفاء – كل هذه الأمور هي في نظري ليست غير أشياء منطقية! أجل أشياءمنطقية، كما أن إثبات النظرية القائلة بأن بقاء الجنس البشري يعتمد على اتباع البشر لما يحقق مصالحهم هو فينظري لا يختلف عن تأكيد" بوكل" على أن البشر يصبحون، كلما أوغلوا في الحضارة ، أشد نعومة، وهكذايصبحون أقل تعطشاً للدماء وأقل استعداداً للحرب. إذ أن هذا ما يلوح متفقاً من الناحية المنطقية مع بحثه. بيد أنالإنسان يميل إلى النظم والنتائج المنطقية إلى درجة أنه مستعد حتى لتشويه الحقائق عمداً ولانكار ما تشعر بهحواسه من أجل تبرير منطقه”
“إن شعار المربين عندنا يدور معظمه حول عبارة "كن... ولا تكن.."فهم يقولون للطفل: "أنت لا تشابه أولاد الناس.. فاجتهد حتى تكون مثلهم".وهذه الطريقة تؤدي إلى الضرر من ناحيتين:1- فهي تغرز في مخيلة الطفل صورة متشائمة عن نفسه من ناحية،2- وهي تحرضه على إرادة النجاح من الناحية الأخرى.وهو يصبح إذن ضحية من ضحايا قانون الجهد المعكوس – يريد النجاج في عقله الواعي بينما هو يريد الفشل في عقله الباطن.”
“الدعاء، في جوهره، هو أكبر وأعمق من مجرد أن يكون عندك طلبٌ ما، منه عز وجل..الدعاء في جوهره، هو أن عندك قضية. لديك دعوة ما. لديك هدف. لديك ما يملأ عليك حياتك لدرجة أنك تطلب منه عز وجل أن يعينك فيها..وهي ليست أي قضية.. إنها ليست قضية فحسب..بل هي قضية خير حصراً..إنها الانحياز إلى جانب محدد في الصراع الدائر في هذا العالم.. بل إن الأمر حتى أكبر من ذلك..إنه أن تكون أنت حامل هذه الدعوة، حامل هذه القضية، أنت المنادي بها..وهي قضية خير دايم، لا انفكاك عن الخير فيها..تعبر عنها من خلال "الصلاة"..لعله من نافلة القول هنا، أن إقامة الصلاة، بهذا المعنى، ستعني إقامة الخير، إنجازه وتحقيقه على هذه الأرض..والإقامة هنا، تعني تحقيق تلك الدعوة، تحويلها من "دعاء" إلى واقع..”