“.. أصابت النكسات الجيوش التي وصلت لبنان : منظمة التحرير الفلسطينية والسوريون والسعوديون واليمنيون الشماليون والسودانيون والأسرائيليون والأميركيون والفرنسيون والإيطاليون وحتى المفرزة البريطانية – كلهم غادروا بيروت ومنهم من استولى عليه اليأس او لحقت به الإهانة أو خجل من نفسه. كل هؤلاء رحّب بهم اللبنانيون بسعادة وود ودهاء وشك. ففي تشرين الثاني 1976 راقبت الدبابات السورية وهي تعبر ضاحية الحازمية ببيروت. وكان أحد طاقم الدبابات الأولى يعزف على قيثارة. هذا بينما كان المسيحيون اللبنانيون يرشون ماء الورد وينثرون الرز على السوريين من شرفاتهم, وهي ظاهرة كنا نحن الصحفيين نصفها بأنها تحية عربية تقليدية , وبعد نحو خمس سنوات ونصف كنت أقف في البقعة ذاتها أراقب الإسرائيليين على الطريق ذاتها بينما كان اللبنانيون ذاتهم يحيونهم بالطريقة نفسها من شرفاتهم. وقال لي إذ ذاك كولونيل اسرائيلي مرح:"أنظر كيف يحيوننا , لقد جئنا لتحرير بلادهم, وكانوا في إنتظارنا"..”
“كان مقاتلو الحرب الأهلية يُعاد تسليحهم من قبل سوريا , وهي الدولة ذاتها التي أخذت على عاتقها تجريدهم من السلاح- بحجة أن الميليشيات الخارجة عن السيطرة السورية تتلقى سلاحها من مصادر أخرى.”
“تجربة منظمة التحرير الفلسطينية المريرة في لبنان أرخت بظل قاس على مخيمات اللاجئين فيه، إذ تحولت الأخيرة بفعل انكفاء المنظمة عن لبنان جزراً امنية محاصرة تماماً، يسهل توظيفها في الكثير من المعادلات المحلية والإقليمية.”
“وهي تطلعت اليه باستنكار، بينما كان يفكر بينه وبين نفسه أنه لا توجد قوة في العالم كله تستطيع أن تجبره على أن يقول «إحم» أو يقول «دستور» بينما هو يمشي من مكان الى آخر داخل بيته”
“الورد النائم على أرصفة الطريق سقط فجأة من كوب قهوتها، من دفترها، ومن ياقة قميصها. الورد الذابل على الطريق : صوتها وهي تناديه !”
“إن بُناها ( الثقافة السائدة ) ، سواء منها الدينية أو العلمانية ، تقوم على نفي المعارض أو إلغائه - ذلك أنها ليست بُنى تساؤل وبحث ، وإنما هي بُنى إيمان ووثوقية . وهي لاترى غير الخطأ والضلال في أي خطاب لا يقلد خطابها ، أو لا يُشبهه . وهي سلبية ، يحكمها الخوف من الحرية ، ومن الفكر - ولذا في ذات طابع شُرَطيّ ، ترى فيما تمارسه من الرقابة ، والمنع ، والحذف .. الخ شكلاً من أشكال ممارستها الفكرية . ومن هنا تنظر إلى المختلف ، على أنه غريب أو ( أجنبي ) ، وترى إلى كم ما ينقدها على أنه تجديف أو هرطقة ، وبعد عن الوطنية لاتتردد أحياناً في وصفه بالخيانة . وهكذا تقف عملياً ضد التحرير المجدد : تحرير اللغة والفكر والإنسان من كل قيد ، أيا كان .وهي في هذا كله تؤكد ألا حقيقة خارج السّلطة .”